دخول المعاملة المقرونة برضا المالك في بيع الفضولي ، توضيح ذلك : أنّ الظاهر علم عروة برضا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بما يفعل ، وقد أقبض المبيع وقبض الثمن ، ولا ريب أنّ الإقباض والقبض في بيع الفضولي حرام لكونه تصرّفاً في مال الغير فلا بدّ إمّا من التزام أنّ عروة فعل الحرام في القبض والإقباض وهو مناف لتقرير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإمّا من القول بأنّ البيع الّذي يعلم بتعقّبه للإجازة يجوز التصرّف فيه قبل الإجازة بناءً على كون الإجازة كاشفة وسيجيء ضعفه ، فيدور الأمر بين ثالث وهو جعل هذا الفرد من البيع وهو المقرون برضا المالك خارجاً عن الفضولي كما قلناه ، ورابع وهو علم عروة برضا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بإقباض ماله للمشتري حتّى يستأذن ، وعلم المشتري بكون البيع فضوليّاً حتّى يكون دفعه للمثمن بيد البائع على وجه الأمانة ، وإلّا فالفضولي ليس مالكاً ولا وكيلاً فلا يستحقّ قبض المال ، فلو كان المشتري عالماً فله أن يستأمنه على المثمن حتّى ينكشف الحال ، بخلاف ما لو كان جاهلاً.
ولكنّ الظاهر هو أوّل الوجهين كما لا يخفى ، خصوصاً بملاحظة أنّ الظاهر وقوع تلك المعاملة على جهة المعاطاة ، وقد تقدّم أنّ المناط فيها مجرّد المراضاة ووصول كلّ من العوضين إلى صاحب الآخر ، وحصوله عنده بإقباض المالك أو غيره ولو كان صبيّاً أو حيواناً ، فإذا حصل التقابض بين فضوليّين أو فضولي وغيره مقروناً برضا المالكين ثمّ وصل كلّ من العوضين إلى صاحب الآخر وعلم برضا صاحبه كفى في صحّة التصرّف ، وليس هذا من معاملة الفضولي لأنّ الفضولي صار آلة في الإيصال والعبرة برضا المالك المقرون به» (١) انتهى.
وهذا بناءً على الظهور الّذي ادّعاه قدسسره في أوّل التوضيح ـ ولعلّه استظهره من تقريره صلىاللهعليهوآلهوسلم المستحيل كونه على المحرّم ـ في كمال المتانة إن قلنا بكفاية مقارنة رضا المالك في خروج البيع عن الفضولي وعدم افتقاره إلى إذنه الصريح ، وسيأتي الكلام في تحقيق هذا المقام إن شاء الله.
ومنها : خبر الوليدة المرويّ في الكتب الأربعة بسند صحيح على الصحيح في غير
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٣٥١ ـ ٣٥٣.