الأموال أموال تجارة عن تراضٍ» بحذف المضاف ـ كما احتملهما في المجمع ـ أو إلى الباطل ، فلا بدّ من اعتبار تأنيث في معناه رعاية للمطابقة. وأمّا على قراءة الرفع كما عن أكثر القرّاء فلا حاجة إلى هذا الاعتبار لكون «تكون» حينئذٍ من كان التامّة بمعنى «تثبت» وتأنيثه باعتبار تأنيث فاعله ولا ضمير فيه حينئذٍ يعود إلى الباطل ليبعث على اعتبار ضمير في معناه فلا يتمّ الحمل المذكور.
وكيف كان فالجواب عن الاستدلال أنّ الآية باعتبار الاستثناء والمستثنى منه تدلّ على حكمين :
أحدهما : منع أكل المال بالباطل وإن حمل على الجهات الباطلة ، والآخر : الترخيص في أكل المال بالتجارة عن تراضٍ.
ودلالتها على حرمة التصرّف في المال المأخوذ بسبب عقد الفضولي المستلزمة لبطلانه موقوف على إثبات مقدّمتين ، إحداهما : خروجه عن المستثنى وهو التجارة عن تراضٍ ، واخراهما : دخوله في المستثنى منه وهو الباطل ، وإن حمل على الجهات الباطلة.
ويتطرّق المنع أوّلاً إلى المقدّمة الاولى ، فإنّ عقد الفضولي الملحوق به الإجازة المتأخّرة ممّا يصدق عليه التجارة عن تراضٍ. ودعوى : ظهور «تجارة عن تراضٍ» باعتبار كلمة المجاوزة في مقارنة الرضا ، يدفعها منع كون التراضي في الآية من الرضا النفساني ، لما حكاه الطبرسي في المجمع «أنّ مذهب الإماميّة والشافعي وجمع من العامّة أنّ معنى التراضي بالتجارة إمضاء البيع بالتفرّق أو التخاير بعد العقد» (١) وهو إسقاط الخيار من الطرفين ، وأيّاً ما كان فهو على هذا التفسير متأخّر عن العقد ويندرج فيه إجازة المالك في الفضولي ، فالتفسير المذكور ممّا يصرف الكلمة المذكورة عن ظهورها في اعتبار المقارنة. ولو سلّم الظهور بعدم ثبوت الحكاية فغاية ما تفيده كلمة المجاوزة كون «التجارة عن تراضٍ» على معنى مقارنتها رضا المالك لا كون العقد عن تراضٍ ، وليس يلزم في كلّ عقد أن يكون تجارة فإنّ التجارة هو اكتساب المال ولا اكتساب في أكثر العقود ، وعقد الفضولي قبل لحوق إجازة المالك عقد لا أنّه تجارة ،
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٣٧.