واقيم المضاف إليه مقامه ، بل القائلون بالنصب لم يحتملوا سوى هذين على ما في المجمع ، مصرّحاً «بأنّ الاستثناء على هذا الوجه أيضاً منقطع» (١) يعني على تقدير النصب ، فلا حصر في الآية ، ولا مقتضي لدخول عقد الفضولي في المستثنى منه فيكون مسكوتاً عنه.
ولو سلّم دخوله فيه فيكفي في صدق أكل المال بالباطل على التصرّف في المال المأخوذ من جهته قبضه والتصرّف فيه قبل لحوق الإجازة الّذي لا خلاف عند أهل القول بصحّة الفضولي في كونه محرّماً ويشمله النهي المفيد للحرمة بهذا الاعتبار.
ولا ينافيه ارتفاع الحرمة بلحوق الإجازة المبيحة للتصرّفات ، لأنّه إنّما يفيد حرمة أكل المال بالباطل من حيث كونه أكلاً له بالباطل ، وهذا لا ينافيه ارتفاع الحرمة بلحوق الجهة المبيحة كالتصرّف في المال المأخوذ بالقمار أو المعاملة الربويّة أو البخس بالميزان أو الظلم قد يرتفع حرمته بلحوق الهبة أو إنشاء الإباحة الصريحة أو الإذن الصريح في التصرّف أو نحو ذلك ، ومن هذا الباب إجازة المالك في الفضولي على ما قضت به أدلّة الصحّة ، ففي الحقيقة لا تعارض بين الآية وأدلّة صحّة الفضولي بالإجازة ، هكذا ينبغي أن يحقّق المقام.
وأمّا السنّة فعدّة روايات عاميّة وخاصّيّة :
ومن الاولى النبويّ المستفيض نقله وهو قوله لحكيم بن حزام : «لا تبع ما ليس عندك» (٢) وفي معناه ما في حديث المناهي المذكور في الفقيه من قوله : «ونهى عن بيع ما ليس عندك» (٣) وعبّر عنه جماعة (٤) بالنهي عن بيع ما ليس عنده.
ووجه الاستدلال أنّ لفظة «عند» ترد لغةً ظرفاً للمكان تارةً ، والزمان اخرى ، وعلى التقديرين يراد بها الحضور في المكان أو الزمان ، يقال زيد عندنا أي حاضر لدينا في المكان الّذي نحن فيه فهو حقيقتها ، ولا ينافيه تفسيرها في كلمات العلماء في غير هذا المقام بالمقارنة ، لأنّها هيئة منتزعة عن الشيئين باعتبار حضور أحدهما للآخر.
ولكن ليس المراد بقوله : «ليس عندك» نفي الحضور المكاني ليكون مفاده اعتبار
__________________
(١) مجمع البيان ٣ : ٧٨.
(٢) سنن البيهقي ٥ : ٢٦٧ و ٣١٧ ، سنن النسائي ٧ : ٢٨٩.
(٣) الوسائل ١٨ : ٣٧ / ٤ ، ب ٢ أحكام العقود ، التهذيب ٧ : ٢٣٠ / ١٠٠٥.
(٤) كما في مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٩٥ ، والرياض ٨ : ٢٢٥.