حضور المبيع عند البائع ولو كان مالكاً في مجلس المبايعة في الصحّة ليترتّب عليه بطلان بيع الغائب ، لعدم كون الحضور من شرائط الصحّة نصّاً وفتوى ، ولا خلاف لأحد في صحّة بيع الغائب. بل هو كناية عن نفي السلطنة على إقباضه وتسليمه.
فالمراد ما لا سلطنة لك على إقباضه وتسليمه ، لا لمانع عقلي كعدم القدرة على التسليم بل لمانع شرعي من جهة انتفاء الملك والولاية على المالك والوكالة عنه ، فيكون مفاده راجعاً إلى مفاد نبويّ آخر من قوله : «لا بيع فيما لا يملك» بعد قوله «لا طلاق فيما لا يملك ولا عتق فيما لا يملك» وقد يروى ذلك بهذه العبارة «لا بيع إلّا فيما يملك» بعد قوله : «لا طلاق إلّا فيما يملك ولا عتق إلّا فيما يملك» بناء على أنّ المراد نفي الملكيّة الفعليّة لا نفي قابليّة الملك ليكون مورده بيع مثل الحرّ والخنزير والخمر وما أشبه ذلك.
فينطبق الجميع على بيع الفضولي الّذي يبيع عين ملك غيره ولا يتسلّط على التصرّف فيه ولا تسليمه الغير بناءً على كون الموصول كناية عن العين الشخصيّة لا العين الكلّيّة للنصّ والإجماع على صحّة بيع الكلّي المضمون في الذمّة ومنه السّلَم.
والنهي يقتضي الفساد ، والنفي أيضاً إن كان لنفي الحقيقة كما هو الحقيقة فيثبت به المطلوب أيضاً مع زيادة ، وإلّا لا بدّ من حمله على نفي الصحّة لأنّ نفيها أقرب إلى نفي الحقيقة الّذي هو الحقيقة.
ومن الثانية : ما في التهذيب في صحيح الصفّار «كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام ـ يعني العسكري ـ في رجل باع قرية ، وإنّما له فيها قطاع أرضين ، فهل يصلح للمشتري ذلك وقد أقرّ له بكلّها؟ فوقّع عليهالسلام : لا يجوز بيع ما ليس بملك وقد وجب الشراء على ما يملك» (١).
وصحيح محمّد بن القسم بن فضيل «سألت أبا الحسن الأوّل عليهالسلام عن رجل اشترى من امرأة من آل فلان بعض قطائعهم وكتب عليها كتاباً بأنّها قد قبضت المال ولم تقبض أيعطيها أم يمنعها؟ قال : قل له يمنعها أشدّ المنع ، فإنّها باعت ما لا تملكه» (٢).
وصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام «انّه سأله عن رجل من أهل النيل عن أرض
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٣٣٩ / ١ ، ب ٢ عقد البيع وشروطه ، التهذيب ٧ : ١٥٠ / ٦٦٧.
(٢) الوسائل ١٧ : ٣٣٣ / ٢ ، ب ١ عقد البيع وشروطه ، التهذيب ٦ : ٣٣٩ / ٩٤٥.