مصنّفاته الاستبصار ، وقد صار فيه أيضاً إلى الصحّة. وهذا عدول منه كاشف عن عدم كون البطلان إجماعيّاً.
ومنها : ذهاب معظم القدماء كالقديمين (١) والمفيد (٢) والمرتضى (٣) وسلّار (٤) وابن برّاج (٥) وابن حمزة (٦) إلى الصحّة مع اتّباع المتأخّرين (٧) إلّا شذّ منهم وندر.
وأمّا العقل : فقرّر بأنّ العقل مستقلّ بقبح التصرّف في مال الغير بدون إذنه ، والنقل مطابق له ، ومن النقل ما في المرويّ عن احتجاج الطبرسي من التوقيع عن مولانا صاحب الأمر عجّل الله فرجه من قوله عليهالسلام : «لا يجوز لأحد أن يتصرّف في مال غيره إلّا بإذنه» (٨) وفي معناه النبويّ المعروف المتلقّى بالقبول عند الفريقين «لا يحلّ مال امرئ إلّا عن طيب نفسه» (٩) وعقد الفضولي في مال الغير تصرّف في ماله بدون إذنه فيكون قبيحاً عقلاً محرّماً شرعاً ، والرضا اللاحق لا يرفع القبح السابق.
والجواب أوّلاً : منع الصغرى فإنّ مجرّد إجراء العقد على مال الغير من دون ترتيب الآثار عليه ولا قبضه وإقباضه ليس تصرّفاً في العرف ، فإنّه في متفاهم العرف عبارة عن استيلاء الإنسان على المال بحيث يقلّبه كيف شاء وحيث أراد ، ومجرّد إجراء العقد ليس بتلك المكانة. وهذا المنع نظير ما ذكره أهل القول بالإباحة في الأشياء النافعة الخالية عن أمارة المضرّة قبل ورود الشرع ـ كالاستظلال بجدار الغير والاستضاءة بضوئه والاستنارة بناره وما أشبه ذلك ـ في ردّ الحاظرين المتمسّكين على الحظر بكونه تصرّفاً في مال الغير بدونه من منع صدق التصرّف على هذه الأشياء ، بل المنع فيما نحن فيه أوضح منه في هذه الأشياء لتحقّق انتفاع واستيفاء منفعة فيها ، بخلاف ما نحن فيه الّذي لا منفعة للعاقد الفضولي في إجرائه العقد أصلاً.
وثانياً : منع كلّيّة الكبرى بعد تسليم الصغرى ، لعدم حكم العقل بقبح نحو هذا التصرّف الّذي لا ينتفع به المتصرّف أصلاً ، ولا ينتقص بسببه المال أصلاً ، ولا يتضرّر به
__________________
(١) نقله عنهما في المختلف ٥ : ٥٣. (٢) المقنعة : ٦٠٦.
(٣) الناصرّيات (الجوامع الفقهيّة) : ٢٤٧ ، المسألة ١٥٤.
(٤) المراسم : ١٥٠.
(٥) المهذّب ٢ : ١٩٤. (٦) الوسيلة : ٢٤٩.
(٧) كما في مجمع البرهان ٨ : ١٥٨ ، والحدائق ١٨ : ٣٧٨.
(٨) الوسائل : / ٦ ، ب ٣ الأنفال.
(٩) عوالي اللآلئ ٢ : ١١٣ / ٣٠٩.