خلافه أولا ، للسيرة المعلومة ، وإجماع الفرقة المحقّة. ولذلك ترى المتعاملين أنّهم في العينين الشخصيّين لا يتعلّق غرضهم إلّا بإنشاء تمليك إحداهما في عوض ملك الاخرى ، ولا يلاحظون كون طرفي العقد أصيلين أو وكيلين أو مختلفين ، ولا يستفسرون عن أنّه هل عقد لنفسه أو لغيره بل مهما وجدوا العين شخصيّة يقصدون العقد عليها من دون قصد إلى مالكها ولا إلى من ينتقل إليه ملك عوضها.
قيل : والسرّ في ذلك أنّ العقد عبارة عن الربط بين المالين دون المالكين ، فإذا كان المالان شخصيّين يحصل الربط بقصد إنشاء تمليك عين في مقابل عين آخر ، فيصير أحدهما معوّضاً والآخر عوضاً ، ولا حاجة له بعد ذلك إلى تعيين المالك وقصده ، ولا إلى تعيين من ينتقل إليه الملك وقصده.
نعم لو عقد على عين شخصيّة في مقابلة كلّي في الذمّة فلا ينبغي التأمّل في كون تعيين من له الذمّة ركناً وقصده شرطاً ، فلو باع بعشرة دراهم في الذمّة أو اشترى بعشرة دراهم كذلك من غير قصد من له الذمّة لم ينعقد ، ولذلك ذكروا أنّ الوكيل لو اشترى شيئاً بما [في] ذمّة الموكّل لا بدّ من أن يقصد ذلك بالخصوص ، وأنّ الوليّ لو اشتراه بما في ذمّة المولّى عليه من غير قصد لذلك لم يؤثّر شيئاً في ذمّته.
وحجّة المفصّل (١) أمران :
أحدهما : ما نسب الإشارة إليه إلى العلّامة (٢) وولده فخر المحقّقين (٣) بالنسبة إلى البطلان في صورة العلم ، من أنّهم أطبقوا في بيع الغاصب مع علم المشتري بالغصبيّة على أنّه لو دفع الثمن إلى الغاصب وتلف في يده ورجع عليه المالك بأخذ عين ماله على تقدير البقاء أو عوضه مثلاً أو قيمة على تقدير التلف ، لا يرجع على الغاصب بأخذ ثمنه ولا هو مسلّط عليه ، وأطلقوا في هذا الحكم ، وهذا ينافي صحّة الفضولي لنفسه مع علم المشتري بالحال.
وفيه : أنّهم ذكروا ذلك في بيع الغاصب مع البناء على نفس العقد في التصرّف في المال من دون بناءٍ على رجاء إجازة المالك ، وعلّلوه بعلّة غير جارية في الفضولي
__________________
(١) ذكر التفصيل في ص ٧٧٠.
(٢) التذكرة ١٠ : ١٧.
(٣) الإيضاح ١ : ٤١٧.