اشتر لك بهذا» ملك الثمن في الصورة الاولى بانتقال المبيع عن مالكه إلى المشتري وكذا ملك المثمن في الصورة الثانية ، ويتفرّع عليه أنّه لو اتّفق بعد ذلك فسخ المعاملة رجع الملك إلى مالكه لا إلى العاقد.
وفيه : أنّ الدليل على الاشتراط هو مفهوم المبادلة ومفهوم البيع الّذي هو «مبادلة مال بمال أو تمليك عين على وجه التعويض» فإنّ معنى المبادلة جعل ملك أحد المالين بدلاً عن ملك المال الآخر ، كما أنّ معنى المعاوضة هو جعل ملك أحد المالين عوضاً عن ملك المال الآخر ، والمفروض أنّ ملك أحد المالين ليس للفضولي بل لمالكه فلا يتحقّق البدليّة ولا التعويض للفضول ، بل لو تحقّق فإنّما يتحقّق للمالك ، ولذا صرّح العلّامة في غير موضع على ما حكي «بأنّه لا يتصوّر» كما في موضع أو «لا يعقل» كما في موضع آخر «أن يشتري الإنسان شيئاً لنفسه بمال الغير» (١) بل عن بعضهم في مسألة قبض المبيع ادّعاء «عدم الخلاف في بطلان قول مالك الثمن : اشتر لنفسك به طعاماً» (٢) قيل (٣) وقد صرّح به الشيخ (٤) والمحقّق (٥) وغيرهما (٦) أيضاً.
وتحقيق المقام : كما بيّنّاه في باب عقد المكره أنّ قولهم «العقود تابعة للقصود» ليس على إطلاقه ، بل إنّما هو بالنسبة إلى أركان العقد اللفظي من التلفّظ والمعنى المادّي والمعنى الإنشائي ووقوع الأثر في الخارج ، والعقد اللفظي من تعيين المبيع وتعيين الثمن وتعيين الموجب وتعيين القابل ، وأمّا تعيين من ينتقل إليه المال فليس من أركانه. فقصد انتقال الثمن إلى مالك المثمن أو انتقال المثمن إلى مالك الثمن ليس شرطاً ، ولا قصد انتقال الثمن إلى غير مالك المثمن أو انتقال المثمن إلى مالك الثمن مانعاً ، بل المثمن ينتقل إلى مالك الثمن والثمن إلى مالك المثمن قصد أو لم يقصد ، قصد خلافه أو لم يقصد.
والأصل في ذلك أنّ الصيغة إيجاباً وقبولاً بظهورها النوعي وانفهامها العرفي تقتضي انتقال ملك كلّ من العوضين إلى مالك العوض الآخر قصد أو لم يقصد قصد
__________________
(١) القواعد ٢ : ٨٧ و ٣٥٤ ، التذكرة ١ : ٤٧٣ : ١٦٦.
(٢) ادّعاه صاحب الجواهر ٢٣ : ١٧٤.
(٣) في المكاسب ٣ : ٣٨٧.
(٤) المبسوط ٢ : ١٢١.
(٥) الشرائع ٢ : ٣٢.
(٦) كما في المهذّب ١ : ٣٨٧ ، والمسالك ٣ : ٢٥٢ ، مفتاح الكرامة ١٣ :