مسلّطون على أموالهم» حتّى أنّه جاز له فعل ما ينافي مقتضى العقد بحيث أدّى إلى انفساخه وإن قلنا بعدم قبوله الفسخ القولي ، فلو باع جارية من فضولي جاز له وطؤها وإن استولده صارت امّ ولد له ، ولو زوّجت الحرّة نفسها من فضولي جاز لها التزويج من الغير فلو حصلت الإجازة لم تؤثّر لبقائها بلا محلّ. وبالجملة فعله لما ينافي انتقال المال عنه كما في المثالين يفوّت محلّ الإجازة فينفسخ العقد بنفسه وإن قلنا بأنّ الفسخ القولي غير مؤثّر في الانفساخ. قال شيخنا : «عدم جواز التصرّف على هذا القول أيضاً ولعلّه لجريان عموم وجوب الوفاء بالعقد في حقّ الأصيل وإن لم يجب في الطرف الآخر ، وهو الّذي يظهر من المحقّق الثاني في مسألة شراء الغاصب بعين المال المغصوب ، حيث قال : لا يجوز للبائع ولا الغاصب التصرّف في العين لإمكان الإجازة سيّما على القول بالكشف (١) انتهى. وفيه : أنّ الإجازة على القول بالنقل لها مدخل في العقد شرطاً أو شطراً ، فما لم يتحقّق الشرط أو الجزء لم يجب الوفاء على أحد من المتعاقدين ، لأنّ المأمور بالوفاء به هو العقد المقيّد الّذي لا يوجد إلّا بعد قيده» (٢) انتهى.
وأمّا على القول بالكشف فعن جماعة كالعلّامة (٣) والعميدي (٤) والمحقّق الثاني (٥) وظاهر غيرهم عدم جواز التصرّف له ، بل قيل : ظاهرهم الإطباق عليه لأنّهم ذكروه كلمة واحدة بلا نقل خلاف فيه. وقد يعلّل بإمكان الإجازة واحتمال خروجه عن الملك ودخوله في ملك الغير. واعترض عليه بأنّ مجرّد الاحتمال غير قاطع للأصل واستصحاب السلطنة السابقة ، ويكفي من الأصل أصالة بقاء الجواز السابق ، غاية ما هنالك أنّ هذا التصرّف الجائز ظاهراً بحكم الأصل لو كان منافياً لمقتضى العقد بأن يكون إتلافاً فعليه على تقدير حصول الإجازة دفع العوض مثلاً أو قيمة ، وعليه ردّ الاجرة لو كانت جارية واستخدمها ، ودفع عوض البضع لو وطئها بعشر القيمة أو نصفه على تقدير البكارة أو الثيبوبة.
وعلّله شيخنا بعموم آية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فإنّه تقتضي وجوب الوفاء بالعقد على الأصيل ولزومه من طرفه وعدم كونه مراعى بإجازة الطرف الآخر ، بل مقتضاه وجوبه
__________________
(١) جامع المقاصد ٦ : ٣٣١.
(٢) المكاسب ٣ : ٤١٣ ـ ٤١٤.
(٣) القواعد ٢ : ١٩.
(٤) كنز الفوائد ١ : ٣٨٥.
(٥) جامع المقاصد ٦ : ٣٣١.