الإجازة كفاية الرضا المذكور عن الإجازة المتأخّرة ، بل قد يقال : بأنّ ما يؤثّر بلحوقه يؤثّر بمقارنته بطريق أولى ، والظاهر أنّهم لا يلتزمون بذلك ، بل ربّما يرد النقض بكراهة المالك حين العقد وبعده ولو آناً ما ، فإنّ مجرّد الرضا النفساني إذا كان كافياً في الإجازة كانت الكراهة النفسانيّة أيضاً كافية في الردّ ، والظاهر أنّهم لا يلتزمون بذلك أيضاً.
ويمكن الذبّ عنه بأنّ المعتبر من الرضا [شرعاً] ما يكون إمضاء لرضا العاقد الفضولي وقصده لوقوع الأثر في الخارج ، فلا بدّ من إنشائه بعد العقد ما يدلّ عليه من لفظ أو فعل أو غيرهما ، وبالجملة الرضا الإنشائي المتعلّق بالعقد الشخصي الواقع في الخارج ، فشرط الصحّة في الحقيقة هو رضا العاقد الممضى بإجازة المالك الّتي يكفي فيها رضاه بذلك الرضا وما سبق في الصورة المذكورة ليس بذلك في شيء لأنّه رضي ببيع ماله أو بوقوع انتقال ماله في الخارج ، لا أنّه إمضاء لرضا العاقد وقصده.
ثمّ إنّه يعتبر في صحّة الإجازة وتأثيرها أن لا يسبقها الردّ [لأنّ] الردّ فسخ للعقد ومع حصوله ينفسخ فلا يبقى محلّ للإجازة لتكون إمضاء له ، فلو وقعت بعد الردّ وقعت لغواً ، والظاهر أنّه إجماعيّ. وقد يستدلّ بأنّ الإجازة إنّما تجعل المجيز أحد طرفي العقد وإلّا لم يكن مكلّفاً بالوفاء بالعقد ، لأنّ وجوب الوفاء إنّما هو في حقّ العاقدين أو من يقوم مقامهما. وقد تقرّر أنّ من شروط الصيغة أن لا يحصل بين طرفي العقد ما يسقطها عن صدق العقد الّذي هو في معنى المعاهدة والاولى أن يقال : بخروجها عن صدق العقد بمعنى الربط المعنوي ، ويرجع إلى ما بيّنّاه.
وأمّا ما قد يتوهّم من أنّ صحيحة محمّد بن قيس تقتضي صحّة الإجازة عقيب الردّ ، لأنّ أخذ سيّد الوليدة عملاً بحكم الإمام عليهالسلام الوليدة وابنها من المشتري ردّ لبيع ولده وقد أجازه بعد هذا الردّ.
فجوابه : منع كونه دلالة الأخذ على الردّ ، لجواز كونه متردّداً بينه وبين الإجازة ، وحكم الإمام بأخذهما لأنّ كونها عند المشتري بل تصرّفه فيها بل قبضه أيضاً لكونها قبل الإجازة كانت بغير حقّ ، وأخذ الولد لرعاية كونه رقّاً على تقدير لحوق الردّ بعد ذلك ، فكان من حقّ السيّد أن يأخذهما حتّى يظهر الحال من حيث إنّه يجيز بيع الولد بعد ذلك أو يردّه فليتدبّر.