صحّة كلّ من العقد والإجازة على إجازة المشتري الغير الفضولي ، وهو من الأعاجيب بل من المستحيل ، لاستلزام ذلك عدم تملّك المالك الأصيل شيئاً من الثمن والمثمن ، وتملّك المشتري الأوّل المبيع بلا عوض إن اتّحد الثمنان ، ودون تمامه إن زاد الأوّل ، ومع زيادة إن نقص ، لانكشاف وقوعه والثمن له ، وقد كان المبيع له أيضاً بما بذله من الثمن وهو ظاهر.
واجيب (١) عنه أيضاً بابتنائه على وجوب كون الإجازة كاشفة عن الملك من حين العقد ، وهو ممنوع.
أقول : وقد عرفت دفعه وإن كان ما ذكر فاسد الوضع من جهة اخرى ، ملخّصها منع الملازمة ، كما يظهر وجهه بالتأمّل.
ورابعها : أنّ من المعلوم أنّه يكفي في إجازة المالك وفسخه فعل ما هو من لوازمهما ، ولمّا باع المالك ماله من الفضولي بالعقد الثاني فقد نقل المال عن نفسه وتملّك الثمن ، وهو لا يجامع صحّة العقد الأوّل ، فإنّها تقتضي ملك المالك للثمن الأوّل ، وحيث وقع الثاني يكون فسخاً له وإن لم يعلم بوقوعه ، فلا يجدي الإجازة المتأخّرة. وبالجملة حكم عقد الفضولي قبل الإجازة كسائر العقود الجائزة بل أولى منها ، فكما أنّ التصرّف المنافي مبطل لها كذلك عقد الفضولي.
أقول : هذا واضح الدفع بأنّا إن لم نعتبر القول في ردّ عقد الفضولي واكتفينا بالردّ الفعلي فلا أقلّ من اعتبار قصد إنشاء ردّه وفسخه به ، وكون المالك ببيعه المال من الفضولي قاصداً لإنشاء فسخ العقد الأوّل أوّل الكلام بل محلّ منع ، خصوصاً إذا لم يلتفت بوقوع العقد الأوّل ، وبدون قصده لا معنى لالتزام بطلانه وخروجه عن قابليّة الإجازة.
نعم لو علم باعتبار الخارج أنّه قصد ببيعه إنشاء فسخه فلا كلام في بطلانه حينئذٍ ، إلّا أنّ ذلك جهة خارجة عن مفروض المسألة ، لأنّ الكلام في أنّ البيع المتخلّل بين العقد الأوّل وإجازة الفضولي بعد تملّكه المبيع بما هو بيع من المالك فسخ له ومقتض لبطلانه أم لا؟ والمانع عن ذلك مستظهر وإن رجع المورد إلى أنّ الإجازة حينئذٍ على
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٤٤٣.