الكشف لا تكشف عن الصحّة وتملّك المشتري الغير الفضولي من حين العقد الأوّل ، بل تكشف عن تملّكه بذلك العقد من حين العقد الثاني ، وهذا خلاف معنى كشف الإجازة فهو رجوع إلى وجه آخر تقدّم ذكره ، وكلامنا على هذا الوجه بعد الإغماض عن الوجه السابق أو البناء على عدم تماميّته.
وقد يقرّر الجواب عن هذا الوجه ، «بأنّ فسخ عقد الفضولي هو إنشاء ردّه ، وأمّا الفعل المنافي لمضيّه ـ كتزويج المعقودة فضولاً نفسها من آخر وبيع المالك له المبيع فضولاً من آخر ـ فليس فسخاً له ، خصوصاً مع عدم التفاته إلى وقوع عقد الفضولي ، غاية ما في الباب أنّ الفعل المنافي لمعنى العقد مفوّت لمحلّ الإجازة ، فإذا فرض وقوعه صحيحاً فات محلّ الإجازة ويخرج العقد عن قابليّة الإجازة ، إمّا مطلقاً كما في مثال التزويج ، أو بالنسبة إلى من فات محلّ الإجازة بالنسبة إليه كما في مثال البيع ، فإنّ محلّ الإجازة إنّما فات بالنسبة إلى الأوّل ، فللمالك الثاني أن يجيز.
نعم لو فسخ المالك الأوّل نفس العقد بإنشاء الفسخ بطل العقد من حينه إجماعاً ، ولعموم تسلّط الناس على أموالهم بقطع علاقة الغير عنها» (١).
أقول : وفي التفصيل في خروج العقد الأوّل عن قابليّة الإجازة وعدمه بين المثالين منع واضح ، لا لابتنائه على ما تقدّم من كفاية إجازة المالك الثاني في الصحّة ، فالوجه فيهما الخروج عن القابليّة مطلقاً.
وخامسها : أنّه لو باع مال الغير لنفسه ولعلّ المراد أنّه إن وقع الثمن للعاقد على حسبما قصد لا للمالك مع وقوع المبيع للمشتري ، فهو خلاف مقتضى مفهوم المعاوضة وخلاف مقتضى الصيغة المقتضية لدخول كلّ من العوضين في ملك مالك العوض الآخر ، وإن وقع للمالك على خلاف ما قصده العاقد فهو موقوف على إجازته ، والمفروض عدم حصولها فيبطل. وهذا في محلّه.
وسادسها : أنّا حيث جوّزنا بيع غير المملوك مع انتفاء الملك ورضى المالك والقدرة على التسليم ، اكتفينا بحصول ذلك للمالك المجيز لأنّه البائع حقيقة ، والفرض هنا عدم
__________________
(١) المكاسب ٢ : ٤٤٤ ـ ٤٤٥.