عن الرجل يشتري الطعام من الرجل ما ليس عنده فيشتري منه حالًّا قال : ليس به [بأس] قلت : إنّهم يفسدونه عندنا ، قال : وأيّ شيء يقولون في السلم؟ قلت : لا يرون به بأساً يقولون هذا إلى أجل فإذا كان إلى غير أجل وليس عند صاحبه فلا يصلح ، فقال : فإذا لم يكن [إلى] أجل كان أجود ، ثمّ قال : لا بأس بأن يشتري الطعام وليس هو عند صاحبه إلى أجل ...» (١) الخ ، فإنّه قاضٍ بالصحّة في غير العين الشخصيّة ، فيختصّ المحكوم بالفساد بمقتضى مفهوم التعليل في الصحيحين ببيع العين الشخصيّة قبل أن يملكه البائع.
ومن الأخبار الخاصّة مصحّحة يحيى بن الحجّاج قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل قال لي : اشتر هذا الثوب وهذه الدابّة وبعنيها اربحك كذا وكذا ، قال : لا بأس بذلك ، اشترها ولا تواجبه البيع قبل أن تستوجبها أو تشتريها» (٢).
ورواية خالد بن الحجّاج قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يجيئني فيقول : اشتر هذا الثوب واربحك كذا وكذا ، قال : أليس إن شاء أخذ وإن شاء ترك ، قلت : بلى ، قال : لا بأس ، إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام» (٣) وغير ذلك من الروايات.
والجواب عن الأخبار العامّة النبويّة فقد تقدّم عند الاستدلال بها على فساد مطلق عقد الفضولي ، ونزيد هنا أنّ الاستدلال ربّما يتمّ لو كان الواقع مكان «عندك» «لك» لظهوره حينئذٍ فيما ليس ملكاً لك بخلاف «عندك» فإنّه ظرف مستقرّ وعامله المقدّر «حاصل أو موجود» فيكون ظاهراً في بيع الكلّي في الذمّة الّذي ليس موجوداً عنده فيشتري الفرد المطابق له ويردّه إلى المشتري ، ولمّا كان ذلك مخالفاً لنصوصنا وإجماع أصحابنا فوجب إطراحها أو تأويلها بحمل النهي على الكراهة.
وأمّا الأخبار الخاصّة ، فأُجيب (٤) عنها تارةً بما ملخّصه : أنّ دلالتها على النهي عن البيع قبل الملك ممّا لا مساغ لإنكاره ، وأنّ دلالة النهي على الفساد أيضاً ممّا لا مجال لإنكاره ، وأنّ الفساد عبارة عن عدم ترتّب الآثار أيضاً ممّا لا كلام فيه ، ولكن يكفي في ذلك عدم ترتّب الآثار المقصودة للمتبايعين ، وهو لزوم البيع بحيث يتسلّط المشتري
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٤٦ / ١ ، ب ٧ أحكام العقود ، التهذيب ٧ : ٤٩ / ٢١١.
(٢) الوسائل ١٨ : ٥٢ / ١٣ ، ب ٨ أحكام العقود ، التهذيب ٧ : ٥٨ / ٢٥٠.
(٣) الوسائل ١٨ : ٥٠ / ٤ ، ب ٨ أحكام العقود ، التهذيب ٧ : ٥٠ / ٢١٩.
(٤) المكاسب ٣ : ٤٥١.