على أخذ المبيع والبائع على أخذ الثمن ويجوز لهما التصرّف فيما أخذاه ، وهذا لا ينافي قابليّته لأن يترتّب الآثار عليه بالإجازة عقيب التملّك حين الإجازة أو حين التملّك.
ويزيّفه أنّه خروج عن مقتضى فساد النهي لأنّ معنى فساد النهي عدم ترتّب شيء من الآثار على البيع بحيث يكون وجوده بمثابة عدمه ، وما ذكر تفصيل في الآثار بين الآثار الفعليّة بعدم الترتّب والآثار المتأخّرة بالترتّب ، ولا يتحمّله النهي إلّا بإخراجه إلى الإرشاد إلى أنّ الآثار الفعليّة المقصودة لا تترتّب والآثار المتأخّرة الغير المقصودة تترتّب ، ولا يسلّم ذلك إلّا بدليل ولا دليل عليه.
إلّا أن يقال : إنّ ذلك إنّما يتوجّه لو كان هناك نهي لفظي ، والمفروض في الأخبار الخاصّة خلافه ، لأنّ غاية ما فيها دلالة التعليل بمفهومه على ثبوت البأس في بيع المال قبل أن يملكه البائع ، ويكفي في صدقه عدم ترتّب الآثار المقصودة على ذلك ، ولا ينافيه قابليّته لأن يترتّب عليه الآثار بالإجازة بعد الملك حينها أو حين الملك.
واخرى : بأنّه يجب الاقتصار في الخروج عن عمومات الصحّة على مورد تلك الأخبار وهو وقوع البيع للبائع بمجرّد العقد بالاستقلال من دون حاجة إلى إجازة لا من المالك الأصيل ولا من البائع بعد تملّكه لأنّه الّذي يتبانى عليه المتبايعان ، وفساد عقد الفضولي على هذا الوجه ممّا لا كلام فيه ، بل الكلام في صحّته وفساده على تقدير إجازة العاقد بعد تملّكه ، ولا دلالة في الأخبار على الفساد فيبقى عمومات الصحّة سليمة ، وما ذكرنا كونه مورد الأخبار هو الّذي ذكره العلّامة في التذكرة نافياً للخلاف في فساده قائلاً : «لا يجوز أن يبيع عيناً لا يملكها ويمضي ليشتريها ويسلّمها ، وبه قال الشافعي وأحمد (١) ولا نعلم فيه خلافاً ، لقول النبيّ : لا تبع ما ليس عندك (٢) ولاشتمالها على الغرر ، فإنّ صاحبها قد لا يبيعها وهو غير مالك لها ولا قادر على تسليمها ، أمّا لو اشترى موصوفاً في الذمّة سواء كان حالًّا أو مؤجّلاً ، فإنّه جائز إجماعاً» (٣) انتهى.
وأصرح منه كلامه فيما تقدّم ذلك عند الجواب عن استدلال أهل القول ببطلان
__________________
(١) المغني ٤ : ٢٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٩.
(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٧ / ٢١٨٧ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٨٣ / ٣٥٠٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٧.
(٣) التذكرة ١٠ : ١٦.