ولمّا كان التقدير تقدير وقوعها صحيحة فيستحيل وقوع الإجازة فيه مؤثّرة لخروج المحلّ وهو العقد في ذلك الزمان عن قابليّته لوقوع الإجازة عليه مؤثّرة ، ومعنى ذلك خروج العقد في ذلك الزمان عن كونه في عرضة التأثير على القول بالنقل أيضاً ، فإذا خرج عن كونه في عرضة في ذلك الزمان لزمه خروجه عن كونه في عرضة التأثير في سائر الأزمنة المتأخّرة عن ذلك الزمان ، إذ لا معنى لكون عقد فاسداً في زمان ثمّ يصير صحيحاً في الأزمنة الاخر المتأخّرة عن ذلك الزمان فثبت الملازمة ، وهي أنّ الإجازة كلّما لم تكن مؤثّرة من حين العقد على القول بالكشف لم تكن مؤثّرة من حينها على القول بالنقل.
وأمّا النوع الثالث : وهو التصرّفات الغير المنافية لملك المشتري من حين العقد كتعريض المبيع فضولاً للبيع صحيحاً أو فاسداً ، وبيعه فاسداً وما أشبه ذلك. فلا يخلو إمّا أن لا يكون حين ذلك الفعل ملتفتاً إلى وقوع العقد ، أو يكون ملتفتاً إلى وقوعه.
فإن كان الأوّل فلا ينبغي الاسترابة في عدم كونه ردّاً للعقد ولا مبطلاً له ، أمّا أنّه ليس ردّاً لافتقاره إلى قصد إنشاء الردّ وهو مع عدم الالتفات محال ، وأمّا أنّه ليس مبطلاً لعدم منافاته ملك المشتري من زمان العقد.
وإن كان الثاني فقد يقال : بأنّه مع الالتفات ردّ فعلي للعقد ، ملحق بالردّ القولي محتجّاً بوجوه :
الأوّل : صدق الردّ عليه ، فيشمله عموم ما دلّ على أنّ للمالك الردّ.
الثاني : أنّ المانع من صحّة الإجازة بعد الردّ القولي موجود في الردّ الفعلي ، وهو خروج المجيز بعد الردّ عن كونه بمنزلة أحد طرفي العقد.
الثالث : فحوى الإجماع المدّعى على حصول فسخ ذي الخيار بالفعل كالوطئ والبيع والعتق ، فإنّ الوجه في حصول الفسخ بهذه الأفعال هي دلالتها على قصد فسخ البيع ، وإلّا فتوقّفها على الملك لا يوجب حصول الفسخ بها بل يوجب بطلانه لعدم حصول الملك المتوقّف على الفسخ قبلها حتّى تصادف الملك. وتوضيح الفحوى أنّه إذا صلح الفسخ الفعلي لرفع أثر العقد الثابت المؤثّر فعلاً صلح لرفع أثر العقد المتزلزل من حيث الحدوث القابل للتأثير بطريق أولى.