في الهواء وبيع الآبق بلا ضميمة وما أشبه ذلك ، أو في معرض عدم الدخول في الوجود الخارجي كبيع الملاقيح وبيع الحمل والجنين في بطن امّه ، أو في معرض عدم مطابقته للغرض والمطلوب كبيع ما جهل جنسه أو صنفه أو وصفه ، فهذا المعنى خارج عن محلّ البحث لكونه معتبراً في بيع الغرر الّذي يذكر في مقامات اخر.
وثانيهما : معنى الغرور وهو على ما في القاموس وغيره «غرّه غرّاً وغروراً وغرّة بالكسر فهو مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل ، واغترّ به خدع به» (١) فالغرور بمعنى الخداع والخدعة وهو في الفارسيّة «فريفتن وفريب دادن» والغارّ والغرور بالفتح «فريبدهنده» والمغرور والغرير «فريب داده شده» واغترّ به «فريب داده شد» وهذا هو المعنى المراد من الغرور في قاعدة الغرور الّتي يعبّر عنها بأنّ كلّ مغرور يرجع إلى من غرّه.
وأمّا الثاني : فالظاهر بل المقطوع به تحقّق هذا المفهوم فيما نحن فيه ، بل الظاهر عدم الخلاف في ذلك عند الأصحاب ، إذ لم نقف على أحد ناقش في التمسّك بقاعدة الغرور لتغريم البائع ما اغترمه المشتري للمالك بمنع صغرى القاعدة ، بل كلّ من ناقش فيه فإنّما ناقش من جهة الكبرى بمنع قيام دليل تامّ عليها من غير جهة الضرر والإضرار ، فإنّ البائع غرّ المشتري وخدعه حيث باعه مال الغير ولم يعلمه أنّه مال الغير ، فهو لجهله زعمه مال نفسه وملكه من جهة البيع فأتلف منافعه ونماءاته فغرمه المالك بأخذ عوض المنافع وقيمة النماءات منه ، فإنّه لو كان عالماً بالغصبيّة لم يكن يشتريه وعلى تقدير الاشتراء بتوقّع إجازة المالك لم يتلف منه شيئاً حتّى يستقرّ حاله فيكون مغروراً في اشترائه وتصرّفه وإتلافه من البائع فيكون البائع غارّاً.
وقد يقرّر الصغرى بأنّ مفهوم الغرور الموجب للرجوع في باب الإتلاف وإن كان غير منقّح إلّا أنّ المتيقّن منه ما كان إتلاف المغرور لمال الغير وإثبات يده عليه ، لا بعنوان أنّه مال الغير بل قصده إلى إتلافه مال نفسه أو مال من أباح له الإتلاف فيكون غير قاصد لإتلاف مال الغير ، فيشبه المكره في عدم القصد.
وأمّا الكبرى فالغرض من التكلّم فيها هو النظر في مدرك هذه الكلّيّة ممّا استدلّ به
__________________
(١) القاموس ١ : ٦٢٧.