أو يمكن أن يستدلّ به بحيث يشمل المقام ، ويكون نتيجته ضمان البائع الغارّ للمشتري فيما اغترمه للمالك فنقول : إنّه قد استدلّ عليها بوجوه ، منها : قاعدة تقديم السبب على المباشر إذا كان أقوى منه المدّعى عليه الإجماع في الإيضاح (١).
وفيه : نظر ، أمّا أوّلاً : فلمنع كون البائع السبب لإتلاف المنافع والنماءات أقوى من مباشرة الّذي هو المشتري ، فإنّ ملاك تمييز الأقوى منهما من الأضعف هو أنّ التلف المبحوث عنه إن كان بحيث يسند في العرف والعادة إلى السبب لا إلى المباشر بل كان المباشر في نظر العرف بمنزلة الآلة ـ كما في المكره على إتلاف شيء إكراهاً سالباً لاختياره بحيث صدر الفعل منه بلا قصد وشعور ـ كان السبب فيه أقوى من المباشر ، وإن انعكس الأمر كان المباشر أقوى فيه من السبب.
ولا ريب أنّ المقام ليس من قبيل الأوّل ، لأنّ المشتري فيما صدر منه من الإتلافات لا يعدّ في العرف بمنزلة الآلة بل الإتلاف يسند إليه إسناداً حقيقيّاً لا يشوبه شكّ وريبة ، ولو سلّم صحّة إسناده إلى البائع أيضاً لتسبيبه فهو يوجب التساوي لا الأقوائيّة المقتضية لتقديم السبب في الضمان ، فالإتلاف يسند إلى كلّ من المشتري والبائع ، أمّا الأوّل فلمباشرته ، وأمّا الثاني فلتسبيبه ، نظير فتح البلد الّذي يصحّ إسناده إلى العسكر لمباشرته وإلى الأمير لتسبيبه.
وأمّا ثانياً : فلأنّ أقوائيّة السبب حيث سلّمناها إنّما ينتج تضمين السبب ابتداءً على معنى إرجاع الضمان المترتّب على الإتلاف الدائر بين السبب والمباشر إلى السبب ، وملخّصه كون البائع الّذي هو السبب الأقوى ضامناً لإعواض ما أتلفه المشتري بحيث يستحقّ المالك الرجوع عليه لا على المشتري وهذا خلاف المطلوب. وبعبارة اخرى نتيجة قاعدة كون السبب أقوى من المباشر تغريم البائع للمالك ، والمقصود من التمسّك بقاعدة الغرور تغريم البائع للمشتري بما اغترمه للمالك لا تغريم البائع للمالك ابتداءً.
وإن شئت قلت : إنّ المالك في أخذه عوض المنافع وقيمة النماءات من المشتري إمّا أن يستحقّ الرجوع على المشتري أو لا يستحقّ الرجوع عليه؟ فإن كان الأوّل يبقى
__________________
(١) الإيضاح ٢ : ١٩٢.