وتحقيق المقام : أنّ الجهة المقتضية لضمان البائع لما اغترمه المشتري إن كانت تدليسه استناداً إلى أخبار التدليس فالمتّجه عدم ضمان مع الجهل لعدم صدق التدليس بمعنى إخفاء العيب معه ، وكذلك إن كانت تغريمه لعدم صدق غرّه بمعنى خدعه معه ، وإن كانت تسبيبه لتضرّر المشتري فالمتّجه ضمانه لقاعدة نفي الضرر الّتي لا فرق فيها بين صورتي العلم والجهل ولا يعتبر فيه قصد الإضرار ، ولذا يضمن حافر بئر في الطريق بوقوع أعمى فيها وإن لم يكن بحفره قاصداً له ، ويؤيّده بل يدلّ عليه إطلاق قوله عليهالسلام في خبر جميل : «ويرجع بقيمة الولد الّتي اخذ منه».
الثاني : لو تبرّع متبرّع بأداء ما ضمنه المشتري للمالك من الاجرة والقيمة وسائر ما في عهدته للمالك ، فالوجه سقوط ضمان البائع له وعدم استحقاقه للرجوع عليه بما دفع عنه المتبرّع ، لعدم وقوع ضرر مالي عليه ولم يؤخذ منه شيء.
وتوهّم : أنّه مغرور من البائع في تصرّفاته وإتلافاتها فيرجع عليه بقاعدة «أنّ المغرور يرجع على من غرّه» مدفوع بأنّ المغرور يستحقّ الرجوع على الغارّ بما اخذ منه ، ومفروض المقام أنّه لم يؤخذ منه شيء ، فمجرّد صدق كونه مغروراً غير مفيد.
وأولى منه بعدم استحقاقه الرجوع على البائع لو أبرأه المالك عمّا ضمنه له بإتلافاته وغيرها. وأمّا لو احتسبه عليه خمساً أو زكاة إذا كان من أهل استحقاقهما ففي رجوعه على البائع وعدمه احتمالان ، أوّلهما لا يخلو عن قوّة لأنّ الاحتساب بمنزلة أخذ المال منه فكأنّه دفع إليه الخمس أو الزكاة ثمّ اخذ منه في ما ضمنه فيكون ضرراً ، وأولى منه بالرجوع ما لو دفع إليه المالك ما يساوي ما في ذمّته خمساً أو زكاة ثمّ استردّه عمّا في ذمّته ، ونحو ما لو دفعه صدقة مستحبّة ثمّ استردّه عمّا في ذمّته.
الثالث : لو تلف عين المبيع في يد المشتري وكان قيمته يوم العقد ما يوازي الثمن المدفوع إلى البائع فرجع المالك عليه بقيمته فهو يستحقّ الرجوع على البائع بثمنه ، ولا يستحقّ الرجوع بالقيمة المأخوذة منه زائدة على الثمن لأنّها بمنزلة المبيع ، ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوّض.
ولو أنّه رجع بعين المبيع المبتاعة بعشرة وقيمته يوم العقد عشرون فالمشتري لا يستحقّ من البائع ما زاد على العشرة الّتي دفعها إليه ثمناً من العشرة الاخرى لأنّه