ما يراه الإماميّة من وجوب الكلّ والسقوط بفعل أحدها ولا مانع من ذلك عقلاً. فلا يتوهّم : أنّ الواجب التخييري طلب يمكن تعلّقه بامور متعدّدة يسقط بفعل أحدها بخلاف المقام ، فإنّ الحقّ الواحد لا يعقل تعلّقه بالذمم المتعدّدة وليس ذلك على سبيل التبعيض والتجزية حتّى يمكن ، لأنّا نقول لا بأس بأن نلتزم بتعدّد الحقّ في الذمم بظاهر دليل اليد ، فإنّ كلاً منهم مشغول الذمّة على المالك بالحقّ ، فإذا أدّى أحدهم جعل الله ذلك مسقطاً عن الباقين» (١) انتهى.
ولا يخفى ما فيه :
أمّا أوّلاً : فلأنّه جعل ضمان الأيادي المتعاقبة نظير الواجب التخييري مع أنّه أشبه شيء بالواجب الكفائي ، لأنّ التعدّد في المكلّف وهو الضامن مع وحدة المال لا في المكلّف به مع وحدة المكلّف.
وأمّا ثانياً : فلأنّ ما نسبه إلى الإماميّة من تفسير الواجب التخييري بوجوب الكلّ والسقوط بفعل أحدها سهو ، بل هو قول ضعيف نسب إلى بعض المعتزلة القائل بوجوب الجميع والسقوط بفعل البعض ، وأمّا الإماميّة فقالوا : إنّ الواجب التخييري كلّ واحد على البدل فلا يجب الجميع ولا يجوز الإخلال بالجميع وأيّها أتى به فهو نفس الواجب لا بدله.
وأمّا ثالثاً : فلأنّ ما التزمه في المقام من تعدّد الحقّ في الذمم استناداً إلى ظاهر دليل اليد بالنسبة إلى عين المال غير معقول لوحدته الشخصيّة ، وبالنسبة إلى بدله مع تلف العين غير صحيح ، لأنّ المالك كما أنّه في صورة بقاء العين لا يستحقّ إلّا مالاً واحداً فكذلك في صورة التلف لا يستحقّ إلّا بدلاً واحداً لا أبدالاً متعدّدة.
لا يقال : إنّ البدل مثلاً أو قيمة على تقدير التلف كلّي ومن حكم الكلّي أن يتعدّد أفراده فلِمَ لا يجوز أن يتعلّق كلّ فرد منها بذمّة ، لأنّه وإن كان كلّيّاً ولكنّه بالنسبة إلى أفراده المتمايزة بالمشخّصات الخارجيّة لا بالنسبة إلى الأفراد المتمايزة بتمايز الذمم. ودعوى ظهور دليل اليد في الثاني ممنوعة.
__________________
(١) العناوين الفقهيّة ٢ : ٤٤٤.