وأمّا على التقدير الثاني : فلأنّ المناسب لدفع الشبهة ممّن يدّعي القطع بعدم الارتباط إقامة الدليل على نفيه لا التمسّك بالاستصحاب ، فإذا ساعد دليل على صحّة البيع في مال البائع وعدم ارتباطها بصحّته في مال الغير فارتفع به موضوع الاستصحاب أيضاً.
وأمّا على التقدير الثالث : فلأنّ الشكّ في الارتباط يوجب الشكّ في وجوب الوفاء على البائع من أوّل الأمر وهو من الشكّ الساري ، ولا معنى للاستصحاب مع سريان الشكّ ، كما حقّقناه في الاصول.
فالحقّ أنّ القول بالصحّة ممّا لا مدفع له ، لنا عموماً جميع عمومات الصحّة ، وخصوصاً صحيحة صفّار.
أمّا الأوّل : فأوّلاً آية «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» ودعوى : أنّ التراضي إنّما حصل في مجموع المبيع بإزاء مجموع الثمن لا في الجزء بإزاء الجزء ، يدفعها : أنّ التراضي في الكلّ يتضمّن التراضي في كلّ جزء من أجزائه ، بل لا معنى لوجود الكلّ إلّا وجودات أجزائه ، ألا ترى أنّ صبغ الثوب المشتمل على أجزاء يتضمّن صبغ كلّ واحد من تلك الأجزاء ، ولا يعقل من أحد أن يقول : إنّ الصبغ في الكلّ بمعنى مجموع الأجزاء لا في كلّ جزء جزء.
لا يقال : إنّ التراضي بالنسبة إلى كلّ جزء إنّما حصل بشرط انضمامه إلى الجزء الآخر ، والشرط في مفروض المقام منتف ، وانتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط. لأنّا نقول : إنّ التراضي بالنسبة إلى مال البائع إنّما حصل في حال انضمامه إلى مال الغير لا بشرط انضمامه إليه ، فالانضمام لا مدخليّة له في التراضي ولا يوجب تقييد العقد به ، على أنّ المعتبر في الشروط المأخوذة في العقود الموجبة لتقييد العقد بمورد حصول الشرط هو ما صرّح به في متن العقد ، ولا يكفي الشرط المطويّ في ضمير المتعاقدين من دون ذكره صريحاً في العقد ، بل هو في نظر الشارع ملغى فيبقى التراضي على إطلاقه.
فإن قلت : لو لم يكن للانضمام مدخليّة في التراضي كيف يثبت خيار تبعّض الصفقة للمشتري في صورة الجهل؟.
قلت : ثبوت هذا الخيار ليس من جهة مدخليّة الانضمام في التراضي وإلّا كان مقتضاه بطلان العقد رأساً لا ثبوت الخيار الّذي هو فرع على صحّة العقد ، بل الخيار إنّما