التراضي في المجموع باعتبار أحد جزأيه لا باعتبار كلّ من جزأيه ، وهو لا ينافي إمضاءه التراضي في الجزء الآخر ، ويكفي في إثباته العمومات.
ودعوى : أنّ التراضي وقع على المجموع بإزاء المجموع لا على البعض ، قد زيّفناها في المسألة السابقة ، فعليك بمراجعة ما سبق ولا حاجة إلى الإعادة ، فالعمدة في دليل الصحّة هي العمومات المعتضدة بالإجماعين المتقدّمين عن الخلاف والغنية ، ويؤيّدها خبر الصفّار.
وبقى الكلام فيما تقدّم عن الجماعة من تقييد الحكم بجهل المشتري بالموضوع أو الحكم احترازاً عن العالم بهما لكون المتّجه فيه البطلان رأساً ، فإنّهم علّلوه بإفضاء العلم بهما إلى الجهل بثمن المملوك حين العقد. وقد يجاب عنه تبعاً للشهيد بمنع الملازمة ، لأنّ المشتري القادم على بذل الثمن بإزاء المجموع مع علمه بعدم سلامة البعض له قادم على بذل تمام الثمن بإزاء المملوك فقط ، فالبائع يستحقّ الثمن بتمامه وهو معلوم كما صرّح به الشهيد في محكيّ الحواشي المنسوبة إليه حيث قال : «إنّ هذا الحكم مقيّد بجهل المشتري بعين المبيع أو حكمه وإلّا لكانت البذل بإزاء المملوك ضرورة أنّ القصد إلى الممتنع كلا قصد» انتهى.
ولا خفاء في ضعفه ، لأنّ القصد إلى الممتنع بحسب الشرع غايته أنّه ممّا لم يمضه الشارع ، وهذا لا يقضي بعدم قصده في الشراء إلى المجموع ، لأنّه قد يكون له غرض في اشتراء الحرّ أو الخنزير أو الخمر ولو فاسداً وعصياناً فلم يكن قادماً على بذل الثمن بإزاء المملوك فقط ، فجهالة قسطه من الثمن في محلّه.
فالأولى في الجواب منع بطلان اللازم ، إذ الجهل في باب العقود إنّما يمنع من الصحّة حيث أفضى إلى الغرر بمعنى الخطر وهو الهلاك الّذي هو في طرفي المعاوضة عبارة عن تلف المال. وحاصله كون باذله حال العقد على خطر وخوف تلف في ماله المبذول ، لكون عوضه في معرض تعذّر الوصول إليه كالطير في الهواء والسمك في الماء ، أو في معرض عدم دخوله في الوجود كالجنين في بطن امّه ، أو في معرض عدم مطابقته لمطلوبه من بذل الثمن بإزائه ، كالمجهول جنسه أو وصفه ، ولا ريب أنّ جهالة