من هذه الجملة إليه ، وليس ثمّ ضمير في اللّفظ](١) ؛ لأن «فيها» يعود على الأرض ، فبقي أن يكون محذوفا ، تقديره : وبثّ به فيها ، ولكن لا يجوز حذف الضمير المجرور بحرف إلا بشروط :
أن يكون الموصول مجرورا بمثل ذلك الحرف.
وأن يتّحد متعلّقهما.
وألّا يحصر الضّمير.
وأن يتعيّن للرّبط.
وألا يكون الجارّ قائما مقام مرفوع.
والموصول هنا غير مجرور ألبتّة ، ولمّا استشكل هذا بما ذكر ، خرّج الآية على حذف موصول اسميّ ؛ قال : وهو جائز شائع في كلامهم ، وإن كان البصريّون لا يجيزونه ؛ وأنشد شاهدا عليه : [الخفيف]
٨٦٦ ـ ما الّذي دأبه احتياط وحزم |
|
وهواه أطاع يستويان (٢) |
أي : والّذي أطاع ؛ وقوله : [الوافر]
٨٦٧ ـ أمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء (٣) |
أي : ومن [يمدحه] وينصره.
وقوله : [الطويل]
٨٦٨ ـ فو الله ، ما نلتم وما نيل منكم |
|
بمعتدل وفق ولا متقارب (٤) |
أي : «ما الّذي نلتم» ، وقوله تعالى : (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا ، وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) [أي : وبالّذي أنزل إليكم](٥) ؛ ليطابق قوله : (وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) [النساء : ١٣٦] ، ثم قال : وقد يتمشّى التقدير الأوّل ـ يعني : جواز الحذف ـ وإن لم يوجد شرطه. قال : وقد جاء ذلك في أشعارهم ؛ وأنشد : [الطويل]
٨٦٩ ـ وإنّ لساني شهدة يشتفى بها |
|
وهوّ على من صبّه الله علقم (٦) |
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر في مغني اللبيب : ٢ / ٦٢٥ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٣.
(٣) البيت لحسان بن ثابت ينظر ديوانه : ص ٧٦ ، والمقتضب : ٢ / ١٣٧ ، وتذكرة النحاة : ص ٧٠ ، والدرر : ١ / ٢٩٦ ، وشرح الأشموني : ص ٨٢ ، وهمع الهوامع : ١ / ٨٨ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٣.
(٤) البيت لعبد الله بن رواحة ينظر الدرر : ١ / ٢٩٦ ، ٤ / ٢٤٣ ، وشرح شواهد المغني : ص ٩٣١ ، ومغني اللبيب : ص ٦٣٨ ، وهمع الهوامع : ١ / ٨٨ ، ٢ / ٤٢ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٣.
(٥) سقط في ب.
(٦) تقدم برقم ٣٤٣.