وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو والكوفيون : «ولو يرى» بياء الغيبة ، «أنّ القوّة» ، «أنّ الله» بفتحهما. وقرأ الحسن ، وقتادة ، وشيبة (١) ، ويعقوب ، وأبو جعفر : «ولو ترى» بتاء الخطاب ، «أنّ القوّة» ، و «إنّ الله» بكسرهما. وقرأ طائفة : «ولو يرى» بياء الغيبة «إنّ القوّة» و «إنّ الله» بكسرهما. إذا تقرّر ذلك ، فقد اختلفوا في تقدير جواب «لو».
فمنهم من قدّره قبل قوله : «أنّ القوّة» ومنهم من قدّره بعد قوله : (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) هو قول أبي الحسن الأخفش. [والمبرّد.
أمّا من قدّره قبل : «أنّ القوّة» فيكون «أنّ القوّة» معمولا لذلك الجواب](٢) وتقديره على قراءة «ترى» بالخطاب وفتح «أنّ» و «أنّ» : «لعلمت ، أيها السّامع ، أنّ القوّة لله جميعا» والمراد بهذا الخطاب : إمّا النبيّ ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ وإمّا : كلّ سامع ، فيكون معناه: ولو ترى يا محمّد ، أو يا أيّها السّامع ، الّذين ظلموا ، يعني : أشركوا ، في شدّة العذاب لرأيت أمرا عظيما [وقيل : معناه : قل ، يا محمّد : أيّها الظالم ، لو ترى الّذين ظلموا من شدّة العذاب ، لرأيت أمرا فظيعا](٣).
وعلى قراءة (٤) الكسر في «إنّ» يكون التقدير : لقلت إنّ القوّة لله جميعا ، والخلاف في المراد من الخطاب كما تقدّم ، أو يكون التقدير : «لاستعظمت حالهم» ، وإنما كسرت «إنّ» ؛ لأنّ فيها معنى التعليل ؛ نحو قولك : «لو قدمت على زيد ، لأحسن إليك ؛ إنّه مكرم للضّيفان» فقولك : «إنّه مكرم للضّيفان» علّة لقولك : «أحسن إليك» وقال ابن عطيّة (٥) : تقديره : «ولو ترى الّذين في حال رؤيتهم العذاب وفزعهم منه ، واستعظامهم له ، لأقرّوا أنّ القوّة لله جميعا».
وناقشه أبو حيّان (٦) ، فقال : كان ينبغي أن يقول : «في وقت رؤيتهم العذاب» فيأتي بمرادف «إذ» وهو الوقت لا الحال وأيضا : فتقديره لجواب «لو» غير مرتّب على ما يلي «لو» ؛ لأن رؤية السّامع أو النبيّ ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ الظّالمين في وقت رؤيتهم [لا يترتّب عليها إقرارهم بأنّ القوّة لله جميعا ؛ وهو نظير قولك : يا زيد ، لو ترى عمرا في وقت](٧) ضربه ، لأقرّ أنّ الله ـ تعالى ـ قادر عليه. فإقراره بقدرة الله تعالى ليس مترتّبا على رؤية زيد. انتهى.
__________________
(١) شيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب المخزومي الهذلي ، قاضي المدينة وإمام أهلها في القراءات ، وكان من ثقات رجال الحديث.
ينظر تهذيب التهذيب : ٤ / ٣٧٧ ، وخلاصة تهذيب الكمال : ١٤٢.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٣٥ ، الدر المصون : ١ / ٤٢٨ ، البحر المحيط : ١ / ٦٤٥.
(٥) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٣٥.
(٦) ينظر البحر المحيط : ١ / ٦٤٥.
(٧) سقط في ب.