وتقديره على قراءة (١) «يرى» بالغيبة : «لعلموا أنّ القوّة لله» [إن كان فاعل «يرى»: الّذين ظلموا ، وإن كان ضميرا يعود على السّامع ، فيقدّر : «لعلم أنّ القوّة»](٢) وأمّا من قدّره بعد قوله (شَدِيدُ الْعَذابِ) ، فتقديره على قراءة «ترى» (٣) بالخطاب : «لاستعظمت ما حلّ بهم» ويكون فتح أنّ على أنّه مفعول من أجله ، أي : «لأنّ القوّة لله جميعا» وكسرها على معنى التعليل ؛ نحو : «أكرم زيدا ؛ إنّه عالم ، وأهن عمرا ؛ إنّه جاهل» أو تكون جملة معترضة بين «لو» وجوابها المحذوف ، وتقديره ؛ على قراءة «ولو يرى» بالغيبة ، إن كان فاعل «يرى» ضمير السّامع : «لاستعظم ذلك» وإن كان فاعله الّذين ، كان التقدير «لاستعظموا ما حلّ بهم» ويكون فتح «أنّ» على أنّها معمولة ل «يرى» على أن يكون الفاعل «الّذين ظلموا» والرؤية هنا تحتمل أن تكون من رؤية القلب ، فتسدّ «أنّ» مسدّ مفعوليها ، وأن تكون من رؤية البصر ، فتكون في موضع مفعول واحد.
وأمّا قراءة «يرى» [الّذين] بالغيبة ، وكسر «إنّ» و «إنّ» فيكون الجواب قولا محذوفا ، وكسرتا لوقوعهما بعد القول ، فتقديره على كون الفاعل ضمير الرّأي ، لقال : «إنّ القوّة» وعلى كونه «الّذين» : «لقالوا» ويكون مفعول «يرى» محذوفا ، أي : «لو يرى حالهم» ويحتمل أن يكون الجواب : «لاستعظم ، أو لاستعظموا» على حسب القولين. وقدّر بعضهم : «لمّا اتّخذوا من دونه أندادا» وإنّما كسرتا ؛ استئنافا ، وحذف جواب «لو» شائع مستفيض كثير في التنزيل ، قال تبارك وتعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) [الأنعام : ٩٣] (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [الرعد : ٣١] ويقولون : «لو رأيت فلانا ، والسّياط تأخذ منه» قالوا : وهذا الحذف أفخم وأشدّ في التخويف ممّا إذا عيّن له ذلك الوعيد ، ففائدة الحذف استعظامه وذهاب النّفس كلّ مذهب فيه ؛ بخلاف ما لو ذكر فإنّ السامع يقصر همّه عليه ، وقد ورد في أشعارهم ونثرهم حذفه كثيرا ؛ قال امرؤ القيس : [الطويل]
٨٧٩ ـ وجدّك لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد لك مدفعا (٤) |
وقال النّابغة : [الطويل]
٨٨٠ ـ فما كان بين الخير لو جاء سالما |
|
أبو حجر إلّا ليال قلائل (٥) |
ودخلت «إذ» ، وهي ظرف زمان ماض في أثناء هذه المستقبلات تقريبا للأمر ،
__________________
(١) ينظر مصادر القراءة السابقة.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : مصادر القراءة السابقة.
(٤) ينظر ديوانه : ص ٢٤٢ ، وخزانة الأدب : ١ / ٨٤ ، ٨٥ ، وشرح المفصل : ٩ / ٧ ، ٩٤ ، ولسان العرب (وحد) ، وكتاب الصناعتين : ص ١٨٢ ، والصاحبي : (٤٣١) ، أمالي الزجاجي : (٢٢٥) ، فقه اللغة للثعالبي : ٣٤٤ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٩.
(٥) تقدم برقم ٨١٣.