وتصحيحا لوقوعه ؛ كما وقعت صيغة المضيّ موضع المستقبل لذلك ؛ كقوله : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٥٠]. وكما قال الأشتر : [الكامل]
٨٨١ ـ بقّيت وفري وانحرفت عن العلا |
|
ولقيت أضيافي بوجه عبوس |
إن لم أشنّ على ابن حرب غارة |
|
لم تخل يوما من نهاب نفوس (١) |
فأوقع «بقّيت» و «انحرفت» ـ وهما بصيغة المضيّ ـ موقع المستقبل ، لتعليقهما على مستقبل ، وهو قوله : «إن لم أشنّ».
وجاء في التنزيل كثير من هذا الباب قال تبارك وتعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) [الأنعام : ٢٧] (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا) [سبأ : ٥١] ولما كان وقوع السّاعة قريبا ، أجراه مجرى ما حصل ووقع ، من ذلك قول المؤذّن : قد قامت الصّلاة ، يقوله قبل إيقاع التّحريم بالصّلاة ؛ لقرب ذلك.
وقيل : أوقع «إذ» موقع «إذا» ؛ [وقيل : زمن الآخرة متصل بزمن الدنيا ، فقام أحدهما مقام الآخر ؛ لأنّ المجاور للشّيء يقوم مقامه ، وهكذا كلّ موضع وقع مثل هذا ، وهو في القرآن كثير](٢).
وقرأ ابن عامر (٣) «يرون العذاب» مبنيّا للمفعول من «أريت» المنقولة من «رأيت» بمعنى «أبصرت» فتعدّت لاثنين :
أولهما : قام مقام الفاعل ، وهو الواو.
والثاني : هو العذاب.
وقراءة الباقين (٤) واضحة.
وقال الراغب : قوله : «أنّ القوّة» بدل من «الّذين» قال : «وهو ضعيف».
قال أبو حيّان (٥) رحمهالله ـ ويصير المعنى : «ولو ترى قوّة الله وقدرته على الّذين ظلموا» وقال في المنتخب : قراءة الياء عند بعضهم أولى من قراءة التّاء ؛ قال : «لأنّ النبيّ ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ والمؤمنين قد علموا قدر ما يشاهده الكفّار ، وأما الكفّار ، فلم يعلموه ؛ فوجب إسناد الفعل إليهم» وهذا أمر مردود ؛ فإن القراءتين متواترتان.
قوله تعالى : «جميعا» حال من الضّمير المستكنّ في الجارّ والمجرور ، والواقع
__________________
(١) ينظر الحماسة : ١ / ٩٣ ، وأمالي القالي : ١ / ٨٥ ، معجم الشعراء : (٢٦٣) ، وحاشية الكشاف : (٢ / ٢٥٦) والدر المصون : ١ / ٤٢٩.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٣٥ ، والبحر المحيط : ١ / ٦٤٦ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٩.
(٤) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٣٥ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٩.
(٥) ينظر البحر المحيط : ١ / ٦٤٦.