و «بإحسان» فيه أربعة أوجه : الثلاثة المقولة في «بالمعروف»](١).
والرابع : أن يكون خبر الأداء ، كما تقدّم في الوجه الرابع من رفع «أداء». والهاء في «إليه» ، تعود إلى العافي ، وإن لم يجر له ذكر ، لأنّ «عفا» يستلزم عافيا ، فهو من باب تفسير الضمير بمصاحب بوجه ما ، ومنه (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢] ، أي : الشمس ؛ لأن في ذكر «العشيّ» دلالة عليها ؛ ومثله : [الطويل]
٩١٨ ـ فإنّك والتّأبين عروة بعدما |
|
دعاك وأيدينا إليه شوارع |
لكّالرّجل الحادي وقد تلع الضّحى |
|
وطير المنايا فوقهنّ أواقع (٢) |
فالضمير في «فوقهنّ» للإبل ؛ لدلالة لفظ «الحادي» عليها ؛ لإنّها تصاحبه بوجه مّا.
فصل
قال ابن عبّاس ، والحسن وقتادة ، ومجاهد : على العافي الاتباع بالمعروف ، وعلى المعفوّ عنه الأداء إليه بإحسان (٣).
وقيل هما على المعفوّ عنه ، فإنّه يتبع عفو العافي بمعروف ، فهو أداء المعروف إليه بإحسان ، والاتباع بالمعروف : ألّا يشتدّ في المطالبة ، بل يجري فيها على العادة المألوفة فإن كان معسرا ، أنظره ، وإن كان واجدا لغير المال ، فلا يطالبه بزيادة على قدر الحقّ ، وإن كان واجدا لغير المال الواجب ، فيمهله إلى أن يبيع ، وأن يستبدل وألّا يمنعه تقديم الأهمّ من الواجبات ، فأمّا الأداء إليه بإحسان فالمراد به : ألّا يدّعي الإعدام في حال الإمكان ، ولا يؤخّره مع الوجود ، ولا يقدّم ما ليس بواجب عليه ، وأن يؤدي المال ببشر ، وطلاقة ، وقول جميل.
ومذهب أكثر العلماء ، والصحابة ، والتابعين : أنّ وليّ الدم ، إذا عفا عن القصاص على الدّية ، فله أخذ الدية ، وإن لم يرض القاتل.
وقال الحسن ، والنّخعيّ ، وأصحاب الرأي : لا دية له ، إلّا برضى القاتل.
حجّة القول الأوّل : قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قتل له قتيل ، فهو بخير النّظرين ، إمّا أن يقتل وإمّا أن يفدي».
قوله : «ذلك تخفيف» الإشارة بذلك إلى ما شرعه من العفو ، والدية ؛ لأنّ العفو ، وأخذ
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : لسان العرب (وقع) والمقاصد النحوية ٢ / ٥٢٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤١٢ ، والدر المصون ١ / ٤٥٣.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٦٧) والحاكم (٢ / ٢٧٣) عن ابن عباس موقوفا. وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣١٦) وزاد نسبته لعبد بن حميد.