يأتي قبل الخريف يطهّر الأرض من الغبار ، فكذلك هذا الشهر يطهّر القلوب من الذّنوب ويغسلها.
وقال مجاهد : إنه اسم الله تعالى (١) ، ومعنى قول لقائل : «شهر رمضان» ، أي : شهر الله ، وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : لا تقولوا : جاء رمضان ، وذهب رمضان ، ولكن قولوا : جاء شهر رمضان ؛ وذهب شهر رمضان ، فإنّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى (٢).
قال القرطبيّ (٣) : «قال أهل التّاريخ : إنّ أوّل من صام رمضان نوح ـ عليهالسلام ـ لمّا خرج من السّفينة» ، وقد تقدّم قول مجاهد : «كتب الله رمضان على كلّ أمّة» ومعلوم أنّه كان قبل نوح ـ عليهالسلام ـ أمم ؛ فالله أعلم (٤).
والقرآن في الأصل مصدر «قرأت» ، ثم صار علما لما بين الدّفّتين ؛ ويدلّ على كونه مصدرا في الأصل قول حسّان في عثمان ـ رضي الله عنهما ـ : [البسيط]
٩٤٢ ب ـ ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به |
|
يقطّع اللّيل تسبيحا وقرآنا (٥) |
وقيل : القرآن من المصادر ، مثل : الرّجحان ، والنّقصان ، والخسران ، والغفران ، وهو من قرأ بالهمز ، أي : جمع ؛ لأنه يجمع السّور ، والآيات ، والحكم ، والمواعظ ، والجمهور على همزة ، وقرأ (٦) ابن كثير من غير همز ، واختلف في تخريج قراءته على وجهين :
أظهرهما : أنه من باب النّقل ؛ كما ينقل ورش حركة الهمزة إلى السّاكن قبلها ، ثم يحذفها في نحو : (قَدْ أَفْلَحَ) [المؤمنون : ١] ، وهو وإن لم يكن أصله النّقل ، إلا أنّه نقل هنا لكثرة الدّور ، وجمعا بين اللّغتين.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٤٤٥) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٣٤) وزاد نسبته لوكيع.
(٢) أخرجه البيهقي (٤ / ٢٠١) وابن عدي في «الكامل» (٧ / ٢٥١٧) وابن الجوزي في «الموضوعات» (٢ / ١٨٧)
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٣٤) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ والديلمي عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا.
وذكره ابن عراق في «تنزيه الشريعة» (٢ / ١٥٣) وقال : وجاء من حديث ابن عمر أخرجه تمام في فوائده ومن حديث عائشة أخرجه ابن النجار.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٢٣) من كلام الضحاك وعزاه لابن أبي حاتم.
(٥) ينظر : ديوانه (٤٦٩) ، واللسان (ضحا) ، الدر المصون ١ / ٤٦٦.
(٦) انظر : حجة القراءات ١٢٥ ، ١٢٦ ، والعنوان ٧٣ ، وشرح شعلة ٢٨٥ ، وإتحاف ١ / ٤٣١.