(أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) والأمر للوجوب فيتناول كلّ صيام.
وأجيبوا بأنّ هذا إنما ورد في بيان أحكام صوم الفرض ؛ بدليل أنّه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ قال : الصائم المتطوّع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر (١).
وعن أمّ هانىء : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخل عليها فدعا بشراب فشرب ، ثمّ ناولها ، فشربت ، فقالت : يا رسول الله ، أما إنّي كنت صائمة ، ولكن كرهت أن أردّ سؤرك ، فقال : إن كان قضاء من رمضان ، فاقضي مكانه ، وإن كان تطوّعا ، فإن شئت فاقضي ، وإن شئت فلا تقضي(٢).
__________________
ـ بالفطر ؛ وكذا إن لم يكن القضاء على الفور في الأصح ؛ بأن لم يكن تعدى بالفطر. وقيل : يجوز له الخروج منه ؛ لأنه متبرّع بالشروع فيه ، فلا يلزمه إتمامه.
(١) أخرجه الترمذي (٣ / ١٠٩) رقم (٧٣٢) وأحمد (٦ / ٣٤١) والبيهقي (٤ / ٢٧٦) والحاكم (١ / ٤٣٩) والدارقطني (٢ / ١٧٥) والعقيلي (١ / ٢٠٦) وقال الترمذي : حديث أم هانىء في إسناده مقال.
(٢) أخرجه الترمذي (٣ / ١٠٩) كتاب الصوم باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع رقم (٧٣١) وأبو داود (٢ / ٣٢٩) كتاب الصوم باب في الرخصة في ذلك رقم (٢٤٥٦) والطيالسي (١ / ١٩١) كتاب الصيام : باب من عليه صوم من رمضان إلخ رقم (٩١٦) وأحمد (٦ / ٣٤١) والبيهقي (٤ / ٢٧٨) كتاب الصيام باب التخيير في القضاء إن كان صومه تطوعا.
وقال الترمذي : حديث أم هانىء في إسناده مقال.
وقال ابن التركماني في «الجوهر النقي» : هذا الحديث اضطرب متنا وسندا : أما اضطراب سنده : فاختلف على سماك فيه ؛ فتارة رواه عن أبي صالح ، وتارة عن جعدة ، وتارة عن هارون.
أما أبو صالح : فهو باذان ، ويقال : باذام ضعّفوه. قال البيهقي في باب «الكسر بالماء» : ضعيف لا يحتج بخبره. وقال في باب «أصل القسامة» : (أبو صالح عن ابن عباس ضعيف) ، وعن الكلبي قال لي أبو صالح : كل ما حدثتك به كذب ، وفي «السنن الكبرى» للنسائي : ضعيف الحديث ، وعن حبيب بن أبي ثابت : كنّا نسمي أبا صالح مولى أم هانىء الدروغزن. قال النسائي : وقد روي أنه قال في مرضه : كل شيء تكلم به فهو كذب ، وفي «الفاصل» للرامهرمزي : الدروغزن بلغته فارس الكتاب ، وأما جعدة فمجهول.
قال البخاري في تاريخه : جعدة من ولد أم هانىء ، عن أبي صالح ، عن أم هانىء ، روى عنه شعبة ، لا يعرف إلا بحديث فيه نظر. وقال النسائي : لم يسمعه جعدة من أم هانىء ، وقد بيّن ذلك البيهقي في الباب الذي قبل هذا ، وأما هارون فمجهول الحال ؛ قاله ابن القطان. واختلف في نسبته : فقيل : ابن أم هانىء ، وقيل : ابن ابن أم هانىء ، وقيل ابن ابنة أم هانىء. وقال الترمذي : حديث أم هانىء في إسناده مقال. وقال النّسائي : اختلف على سماك فيه ، وسماك ليس يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث. وقال عبد الحق : هذا أحسن أحاديث أم هانىء ، وإن كان لا يحتج به ، وقد رواه النسائي وغيره من غير طريق سماك ، وليس فيه قوله : فإن شئت فاقضيه وإن شئت فلا تقضيه ، ولم يزد هذا اللفظ عن سماك غير حماد بن سلمة ، وقد قال البيهقي (ساء حفظه في آخر عمره ، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ، ويجتنبون ما ينفرد به عن قيس بن سعد وأمثاله). وقال في باب من صلى وفي ثوبه أو فعله أذى : مختلف في عدالته ، وقد روى البيهقي هذا الحديث في الباب الذي قبل هذا ، من رواية حاتم بن أبي صغيرة وأبي عوانة كلاهما عن سماك وليس فيه هذا اللفظ ، وأخرجه النسائي كذلك من رواية أبي ـ