والمأخوذ قهرا : إما أن يكون لسقوط عصمة المالك ؛ كالغنائم ، أو باستحقاق الأخذ ؛ كزكاة الممتنعين ، والنفقات الواجبة عليهم.
والمأخوذ تراضيا : إما أن يؤخذ بعوض ، كالبيع ، والصّداق ، والأجرة ، وإما أن يؤخذ بغير عوض ؛ كالهبة ، والوصيّة.
فحصل من هذا التّقسيم أقسام ستة :
الأول : ما يؤخذ من غير ملك ؛ كنيل المعادن ، وإحياء الموات ، والاصطياد ، والاحتطاب ، والاستقاء من الأنهار ، والاحتشاش ؛ فهذا حلال ، لا يكون المأخوذ مختصّا بذي حرمة من الآدميّين.
الثاني : المأخوذ قهرا ممّن لا حرمة له ، وهو الفيء ، والغنيمة وسائر أموال الكفّار والمحاربين ، فذلك حلال للمسلمين ، إذا أخرجوا منه الخمس ، وقسّموه بين المستحقّين بالعدل ، ولم يأخذوه ممّن كان له حرمة بأمان ، أو عهد.
الثالث : ما يؤخذ قهرا باستحقاق عند امتناع من هو عليه فيؤخذ دون عطائه ؛ وذلك حلال ؛ إذا تمّ سبب الاستحقاق ، وتمّ وصف المستحقّ ، واقتصر على قدر المستحقّ.
الرابع : ما يؤخذ تراضيا بمعاوضة ، فهو حلال ، إذا روعي شرط العوضين ، وشرط العاقدين ، وشرط اللّفظين ، أعني : الإيجاب والقبول عند من يشترطهما ، مع ما قيّد الشّرع به من اجتناب الشّروط المفسدة.
الخامس : ما يؤخذ بالرّضا من غير عوض ؛ كما في الهبة ، والوصيّة ، والصّدقة ، إذا روعي شرط المعقود عليه ، وشرط العاقدين ، ولم يؤدّ إلى ضرر.
السادس : ما يحصل بغير اختياره ؛ كالميراث ، وهو حلال ، إذا كان المورّث قد اكتسب المال من بعض الجهات الخمس على وجه الحلال ، ثم كان ذلك بعد قضاء الدّين ، وتنفيذ الوصايا ، وتعديل القسمة من الورثة ، وإخراج الزّكاة ، والحجّ والكفّارة الواجبة ، فهذه مجامع مداخل الحلال ، وكلّ ما كان بخلاف ذلك كان حراما.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : المال : إما أن يكون له ، أو لغيره.
فإن كان لغيره : كانت حرمته لأجل الوجوه السّتّة المذكورة ، وإن كان له ، فأكله بالحرام : إما بأن يصرفه في شرب الخمر ، أو الزّنا ، أو اللّواط ، أو القمار ، أو الشّرب المحرّم ؛ وكلّ هذه الأقسام داخلة تحت قوله (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ، وَتُدْلُوا بِها).
قوله : (وَتُدْلُوا بِها) في «تدلوا» ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مجزوم عطفا على ما قبله ؛ ويؤيّده قراءة أبيّ : «ولا تدلوا» بإعادة لا الناهية.