ومنه قيل للملك : الحصير ؛ لأنه ممنوع من الناس.
قال لبيد : [الكامل]
٩٧٩ ـ .......... |
|
جنّ لدى باب الحصير قيام (١) |
وهل حصر وأحصر بمعنى ، أو بينهما فرق؟ خلاف. فقال الفراء (٢) ، والزجاج (٣) ، والشيباني (٤) ؛ إنهما بمعنى ، يقالان في المرض ، والعدوّ جميعا ؛ وأنشدوا على ذلك : [الطويل]
٩٨٠ ـ وما هجر ليلى أن تكون تباعدت |
|
عليك ولا أن أحصرتك شغول (٥) |
وهو قول أبي عبيدة ، وابن السّكّيت ، وابن قتيبة (٦). وفرّق بعضهم ، فقال الزمخشري ، وثعلب : في فصيح الكلام : يقال : أحصر فلان : إذا منعه أمر من خوف ، أو مرض ، أو عجز ؛ قال تعالى : (الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) [البقرة : ٢٧٣] ، وحصر : إذا حبسه عدوّ ، أو سجن ، هذا هو الأكثر في كلامهم ، وهما بمعنى المنع في كل شيء ، مثل : صدّه وأصدّه ، وكذلك الفراء والشيباني ، ووافقه ابن عطية أيضا ؛ فإنه قال : والمشهور من اللّغة : أحصر بالمرض ، وحصر بالعدوّ. وعكس ابن فارس في «مجمله» ، فقال : «حصر بالمرض ، وأحصر بالعدوّ» وقال ثعلب : «حصر في الحبس ، أقوى من أحصر» ، ويقال : حصر صدره ، أي : ضاق ؛ ورجل حصر : لا يبوح بسرّه ، قال جرير في ذلك المعنى : [الطويل]
__________________
ـ وقال الفرّاء : يجوز أحصر وحصر في النّوعين. وقال الأزهري : والأوّل هو كلام العرب ، وعليه أهل اللغة.
وقال الجوهري : قال ابن السّكيت : أحصره المرض : إذا منعه السّفر أو حاجة ، وحصره العدوّ : إذا ضيّقوا عليه ، وقال الأخفش : حصرت الرّجل ، وأحصرني مرضي.
وقال أبو عمرو الشيباني : حصرني الشّيء ، وأحصرني : حبسني.
وقال الواحدي : قال الزّجاج : الرّواية عن أهل اللغة لمن منعه خوف أو مرض : أحصر ؛ وللمحبوس : حصر. قال : وقال الزّجاج في موضع آخر وثعلب : أحصر وحصر لغتان.
تحرير التنبيه ص ١٨٢ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٢٣٥.
(١) عجز بيت وصدره :
ومقامة غلب الرقاب كأنهم
ينظر : ديوانه (٢٩٠) ، البحر ٢ / ٦٨ ، الدر المصون (١ / ٤٨٥).
(٢) ينظر : معاني القرآن ١ / ١١٨.
(٣) ينظر : معاني القرآن ١ / ٢٥٦.
(٤) إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي قال الأزهري وكان يعرف بأبي عمرو الأحمر وليس من شيبان ، بل أدب أولادا منهم فنسب إليهم توفي سنة ٢٥٦ ه. ينظر : البغية ١ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠.
(٥) البيت لابن ميادة ، ينظر : الكشاف ١ / ٢٣٩ ، اللسان (حصر) ، الدر المصون ١ / ٤٨٤.
(٦) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٢٤.