٩٨١ ـ ولقد تكنّفني الوشاة فصادفوا |
|
حصرا بسرّك يا أميم حصورا (١) |
والحصير : معروف ؛ لامتناع بعضه ببعض ، وانضمام بعضه إلى بعض ، تشبيها باحتباس الشّيء مع غيره ، والحصر : احتباس البول ، والغائط.
وقيل : إنّ الحصر مختصّ بالمنع الحاصل من جهة العدوّ ؛ وهو مرويّ عن ابن عبّاس ، وابن عمر ، وابن الزّبير ، قالوا : لا حصر إلّا حصر العدوّ ، وهو قول سعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيّب (٢) ، وإليه ذهب إسحاق ، وأحمد ، والشافعيّ ـ رحمهمالله تعالى ؛ وأكثر أهل اللغة يردّون هذا القول.
وفائدة هذا الخلاف في أنّه : هل يثبت للمحصر بالمرض وغيره من الموانع حكم المحصر بالعدوّ؟
فقال الشافعيّ : لا يثبت ، وقال غيره : يثبت ، والقائلون بأنه يثبت ، قال بعضهم : إنّه ثابت بالنصّ ، وقال آخرون : بالقياس الجلي (٣).
حجّة القائلين بالثبوت : مذهب أهل اللغة ؛ لأن أهل اللغة قائلان :
أحدهما : القائلون بأن الإحصار مختصّ بالحبس الحاصل بسبب المرض ، فتكون الآية الكريمة نصا صريحا فيه.
والثاني : القائلون بأن الإحصار المطلق الحبس ، سواء كان مرض أو عدوّ ؛ فقال صلىاللهعليهوسلم : «من كسر أو عرج ، فقد حلّ ، وعليه الحجّ من قابل» (٤).
قال عكرمة : فسألت ابن عباس ، وأبا هريرة ـ رضي الله عنهما ـ عن ذلك ؛
__________________
(١) البيت في ديوانه (٥٧٨) ، ينظر : البحر (٢ / ٦٨) اللسان : حصر ، الدر المصون (١ / ٤٨٥).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٢١ ـ ٢٢).
(٣) القياس الجلي : هو ما قطع فيه بنفي تأثير الفارق بين الأصل والفرع ؛ مثل قياس الأمة على العبد ؛ فإن الفارق بينهما هو الذكورة والأنوثة ، ونحن نقطع بأنّ الشارع لم يفرّق في أحكام العتق بين الذكر والأنثى.
ومثل قياس الضرب على التأفيف ، فالقياس الجليّ يشمل القياس المساوي ، والقياس الأولوي.
ينظر : أصول الفقه لزهير أبو النور ٤ / ٤٥ ، الإحكام للآمدي ٤ / ٣ ، المحصول (٢ / ١٧٣٢) ، إرشاد الفحول (٢٢٢) جمع الجوامع ٢ / ٣٣٨ ، فواتح الرحموت ٢ / ٣٢٠.
(٤) أخرجه الترمذي (٣ / ٢٧٧) كتاب الحج باب ما جاء في الذي يهل بالحج فيكسر أو يعرج (٩٤٠) وأبو داود كتاب المناسك باب الاحصار (١٨٦٢ ، ١٨٦٣) وابن ماجه كتاب المناسك باب المحصر رقم (٣٠٧٧) والنسائي (٥ / ١٩٩) وأحمد (٣ / ٤٥٠) والبيهقي (٥ / ٢٢٠) والحاكم (١ / ٤٨٣) والدارقطني (٢ / ٢٧٨) والدارمي (٢ / ٦١) والطبراني (٣ / ٢٥٣) وابن سعد (٤ / ٢ / ٤٧) والطحاوي في «مشكل الآثار» (١ / ٢٥١ ، ٢٥٢) وأبو نعيم في «الحلية» (١ / ٣٥٨).
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.