«علمان خير من علم». قال ابن عرفة : «وإنما تفعل العرب ذلك ؛ لأنّها قليلة المعرفة بالحساب» ، وقد جاء : «لا نحسب ، ولا نكتب» ، وورد ذلك في أشعارهم ، قال النّابغة : [الطويل]
٩٨٣ ـ توهّمت آيات لها فعرفتها |
|
لستّة أيّام وذا العام سابع (١) |
وقال الفرزدق : [الوافر]
٩٨٤ ـ ثلاث واثنتان فهنّ خمس |
|
وسادسة تميل إلى شمام (٢) |
وقال الأعشى : [الوافر]
٩٨٥ ـ ثلاث بالغداة فهنّ حسبي |
|
وستّ حين يدركني العشاء |
فذلك تسعة في اليوم ريّي |
|
وشرب المرء فوق الرّيّ داء (٣) |
وقال آخر : [الوافر]
٩٨٦ ـ فسرت إليهم عشرين شهرا |
|
وأربعة فذلك حجّتان (٤) |
وقال عليهالسلام : «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» ، ثمّ أشار بيديه ثلاثا ، وأمسك إبهامه في الثالثة ، منبها بالإشارة الأولى على الثلاثين ، وبالأخرى على تسعة وعشرين (٥).
ومنها قال المبرد : «فتلك عشرة : ثلاثة في الحجّ وسبعة إذا رجعتم فقدّم وأخّر» ، ومنها قال ابن الباذش : جيء بعشرة توطئة للخبر بعدها ، لا أنّها هي الخبر المستقلّ بفائدة الإسناد كما تقول : زيد رجل صالح» يعني أن المقصود الإخبار بالصّلاح ، وجيء برجل توطئة ، إذ معلوم أنه رجل. ومنها قال الزّجاج (٦) : «جمع العددين لجواز أن يظنّ أنّ عليه ثلاثة أو سبعة» ؛ لأنّ الواو قد تقوم مقام أو ، ومنه : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) [النساء : ٣] فأزال احتمال التّخيير ، وهذا إنّما يتمشّى عند الكوفيّين ؛ فإنّهم يقيمون الواو مقام أو. وقال الزمخشريّ : «الواو قد تجيء للإباحة في قولك : «جالس الحسن وابن سيرين» ألا ترى أنّه لو جالسهما معا ، أو أحدهما كان ممتثلا فجمع نفيا لتوهّم الإباحة» قال أبو حيان : «وفيه نظر ، لأنّه لا تتوهّم الإباحة ؛ فإنّ السّياق سياق إيجاب ، فهو ينافي الإباحة ، ولا ينافي
__________________
(١) تقدم برقم ٤٢٢.
(٢) البيت في ديوانه (٨٣٥) ، المشكل (٢٤٣) ، البحر ٢ / ٨٨ ، الموشح (١١٤) مجمع البيان (١ / ٢٩١) ، القرطبي (٢ / ٢٦٧) ، اللسان : عشر ، الدر المصون (١ / ٤٨٨).
(٣) ينظر البيتان في : البحر (٢ / ٨٨) ، القرطبي ٢ / ٢٦٧ ، الدر المصون (١ / ٤٨٨).
(٤) ينظر : اللسان (عشر) ، الدر المصون (١ / ٤٨٨).
(٥) أخرجه البخاري (٤ / ١٥١) كتاب الصوم : باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم لا تكتب ولا تحسب حديث (١٩١٣) ومسلم (٢ / ٧٦١) كتاب الصيام : باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال حديث (١٥ / ١٠٨٠) من حديث ابن عمر.
(٦) ينظر : معاني القرآن ١ / ٢٥٨.