١٠٢٢ ـ دعوت عشيرتي للسّلم لمّا |
|
رأيتهم تولّوا مدبرينا (١) |
ينشد بالكسر ، وقال آخر في المفتوح : [البسيط]
١٠٢٣ ـ شرائع السّلم قد بانت معالمها |
|
فما يرى الكفر إلّا من به خبل (٢) |
فالسّلم والسّلم في هذين البيتين بمعنى الإسلام ، إلّا أنّ الفتح فيما هو بمعنى الإسلام قليل ، وقرأ (٣) الأعمش بفتح السّين واللام «السّلم».
وقيل : بل هما مختلفا المعنى : فبالكسر الإسلام ، وبالفتح الصلح.
قال أبو عبيدة : وفيه ثلاث لغات : السّلم والسّلم والسّلم بالفتح والكسر والضمّ.
«كافة» منصوب على الحال ، وفي صاحبها ثلاثة أقوال.
أظهرها : أنه الفاعل في «ادخلوا» ، والمعنى : ادخلوا السّلم جميعا ، وهذه حال تؤكّد معنى العموم ، فإنّ قولك : «قام القوم كافة» بمنزلة : قاموا كلّهم.
والثاني : أنه «السّلم» قاله الزّمخشريّ ، وأبو البقاء (٤) ، قال الزمخشريّ : ويجوز أن تكون «كافة» حالا من «السّلم» ؛ لأنها تؤنّث كما تؤنّث الحرب ؛ قال الشاعر : [البسيط]
١٠٢٤ ـ السّلم تأخذ منها ما رضيت به |
|
والحرب يكفيك من أنفاسها جرع (٥) |
على أنّ المؤمنين أمروا أن يدخلوا في الطاعات كلّها ، ولا يدخلوا في طاعة دون طاعة. قال أبو حيّان تعليله كون «كافة» حالا من «السّلم» بقوله : «لأنّها تؤنّث كما تؤنّث الحرب» ليس بشيء ؛ لأنّ التاء في «كافّة» ليست للتأنيث ، وإن كان أصلها أن تدلّ عليه ، بل صار هذا نقلا محضا إلى معنى جميع وكلّ ، كما صار قاطبة وعامّة ، إذا كان حالا نقلا محضا.
فإذا قلت : «قام الناس كافة ، وقاطبة» لم يدلّ شيء من ذلك على التأنيث ، كما لا يدلّ عليه «كلّ» و «جميع».
والثالث : أن يكون صاحب الحال هما جميعا : أعني فاعل «ادخلوا» و «السّلم» فتكون حالا من شيئين.
وهذا ما أجازه ابن عطية فإنه قال : وتستغرق «كافة» حينئذ المؤمنين ، وجميع أجزاء
__________________
(١) ينظر : الطبري ٤ / ٢٥٣ ، المؤتلف والمختلف (٩) ، والوحشيات (٧٥) ، الدر المصون ١ / ٥١٠.
(٢) ينظر : البحر ٢ / ١١٨ ، الدر المصون ١ / ٥١٠.
(٣) انظر الكشاف ١ / ٢٥٢ ، والقرطبي ٣ / ١٧ ، وحكاه عن البصريين.
(٤) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٠.
(٥) البيت للعباس بن مرداس ينظر : ديوانه (٨٧) ، الخزانة ٢ / ٨٢ ، حاشية يس ٢ / ٢٨٦ ، إصلاح المنطق ٣٠ ، الكشاف ١ / ٢٥٢ ، البحر ٢ / ١٣٠ ، الدر المصون ١ / ٥١٠.