[قال ابن عطية : وخطأها الطبري وهي متّجهة أي : فاستبقوا الخيرات لكل وجهة ولاكموها ، ولا تعترضوا فيما أمركم من هذه وهذه أي : إنما عليكم الطاعة في الجميع وقدم قوله : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ) على الأمر في قوله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) للاهتمام بالوجهة كما يقدم المفعول.
وذكر أبو عمرو الدّاني هذه القراءة عن ابن عبّاس (١)].
والثاني : وهو قول الزمخشري وأبي البقاء أن «اللام» زائدة في الأصل.
قال الزمخشري : المعنى وكلّ وجهة الله مولّيها ، فزيدت «اللام» لتقدم المفعول ، كقولك : لزيد ضربت ، ولزيد أبوه ضاربه.
قال أبو حيان : وهذا فاسد ؛ لأن العامل إذا تعدّى لضمير الاسم لم يتعد إلى ظاهره المجرور ب «اللام» لا تقول : لزيد ضربته ، ولا : لزيد أنا ضاربه ، لئلا يلزم أحد محذورين ، وهما : إما لأنه يكون العامل قويا ضعيفا. [وذلك أنه من حيث تعدّى للضمير بنفسه يكون قويّا ومن حيث تعدى للظاهر ب «اللام» يكون ضعيفا](٢) ، وإما لأنه يصير المتعدي لواحد متعديا لاثنين ، ولذلك تأول النحويون ما يوهم ذلك وهو قوله : [البسيط]
٨٤٠ ـ هذا سراقة للقرآن يدرسه |
|
والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب (٣) |
على أن الضمير في «يدرسه» للمصدر أي : يدرس الدرس لا للقرآن ؛ لأن الفعل قد تعدى إليه.
وأما تمثيله بقوله : «لزيد ضربت» ، فليس نظير الآية ؛ لأنه لم يتعدّ في هذا المثال إلى ضميره ، ولا يجوز أن تكون المسألة من باب الاشتغال ، فتقدر عاملا في : «لكل وجهة» يفسره «موليها» ؛ لأن الاسم المشتغل عنه إذا كان ضميره مجرورا بحرف ينتصب ذلك الاسم بفعل يوافق العامل الظاهر في المعنى ، ولا يجوز جر المشتغل عنه إذا كان ضميره مجرورا بحرف تقول : زيدا مررت به ، أي : لا بست زيدا مررت به ، ولا يجوز : لزيد مررت به.
قال تعالى : (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ) [الإنسان : ٣١] ، وقال : [الوافر]
٨٤١ ـ أثعلبة الفوارس أم رياحا |
|
عدلت بهم طهيّة والخشابا (٤) |
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر خزانة الأدب : ٢ / ٣ ، ٥ / ٢٢٦ ، ٩ / ٤٨ ، ٦١ ، ٥٤٧ ، والدرر : ٤ / ١٧١ ، ورصف المباني : ص ٢٤٧ ، ٣١٥ ، وشرح التصريح : ١ / ٣٢٦ ، وشرح شواهد المغني : ٥٨٧ ، والكتاب : ٣ / ٦٧ ، ولسان العرب (سرق) ، والمقرب : ١ / ١١٥ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٣٣ ، والدر المصون : ١ / ٤٠٦.
(٤) البيت لجرير ينظر ديوانه : ص ٨١٤ ، والكتاب : ١ / ١٠٢ ، وشرح أبيات سيبويه : ١ / ٢٨٨ ، وشرح التصريح : ١ / ٣٠٠ ، والمقاصد النحوية : ٢ / ٥٣٣ ، وخزانة الأدب : ١١ / ٦٩ ، ولسان العرب (خشب) ، ـ