وتقول : «كما أحسنت إليك فأكرمني» فيصح أن تجعل الكاف متعلقة ب «أكرمني» إذ لا جواب له.
وهذا الشرط منعه مكّي قال أبو حيان : «لا نعلم خلافا في جوازه».
وأما قوله : إلا أن يشبه بالشرط ، وجعله «كما» جوابا للأمر ، فليس بتشبيه صحيح ، ولا يتعقل ، وللاحتجاج عليه موضع غير هذا الكتاب.
قال أبو حيان : وإنما يخدش هذا عندي وجود الفاء ، فإنها لا يعمل ما بعدها فيما قبلها وتبعد زيادتها. انتهى
وقد تقدم [قول](١) أبي البقاء في أنها غير مانعة من ذلك.
الخامس : أنها متعلقة بمحذوف على أنها حال من «نعمتي» والتقدير : ولأتم نعمتي مشبهة إرسالنا فيكم رسولا ، أي : مشبهة نعمة الإرسال ، فيكون على حذف مضاف. [وقال مكي : في «إعراب المشكل» : فإن شئت جعلت «الكاف» في موضع نصب على الحال من الكاف والميم في «عليكم»](٢).
وأما على القول بأنها للتعليل ، فتتعلّق بما بعدها وهو قوله : «فاذكروني» أي : اذكروني لأجل إرسالنا فيكم رسولا ، وكون «الكاف» للتعليل واضح ، وجعل بعضهم منه : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) [البقرة : ١٩٨] ، وقول الآخر : [الرجز]
٨٤٥ ـ لا تشتم النّاس كما لا تشتم (٣)
أي : لا تشتم لامتناع النّاس من شتمك.
وفي «ما» المتّصلة بهذه «الكاف» ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنها مصدرية ، وقد تقدم تحريره.
والثاني : أنها بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، و «رسولا» بدل منه ، والتقدير : كالذي أرسلناه رسولا ، وهذا بعيد جدا.
وأيضا فإن فيه قوع «ما» على آحاد العقلاء ، وهو قول مرجوح.
الثالث : أنها كافة «للكاف» كهي في قوله : [الوافر]
٨٤٦ ـ لعمرك إنّني وأبا حميد |
|
كما النّشوان والرّجل الحليم (٤) |
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : ما نقلته عن.
(٣) البيت لرؤبة. ينظر ملحقات ديوانه : (١٨٣) ، شواهد الكتاب : ٣ / ١١٦ ، الإنصاف : (٣٤٥) ، رصف المباني : (٢١٤) ، الدرر : ٢ / ٤٣ ، الخزانة : ٤ / ٢٨٢ ، الكتاب : ٣ / ١١٦ ، شواهد العيني : ٤ / ٤٠٩ ، الدر المصون : ١ / ٤١١.
(٤) البيت لزياد الأعجم. ينظر ديوانه : ص ٩٧ ، والجنى الداني : ص ٤٨١ ، وشرح شواهد المغني : ص ٥٠١ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٣٤٨ ، وبلا نسبة في مغني اللبيب : ١ / ١٧٨ ، والدر المصون : ١ / ٤١١.