بسرعة من غير اعتداد به لا يقال فيه : بغتة ، وكذلك قول الشاعر في ذلك : [الطويل]
٢١٤٤ ـ إذا بغتت أشياء قد كان قبلها |
|
قديما فلا تعتدّها بغتات (١) |
والألف واللام في «السّاعة» للغلبة كالنّجم والثّريّا ؛ لأنها غلبت على يوم القيامة ، وسمّيت القيامة ساعة لسرعة الحساب فيها على الباري تبارك وتعالى.
وقيل : لأنّ السّاعة من الوقت الذي تقوم فيه القيامة ؛ لأنها تفجأ الناس في ساعة لا يعلمها [أحد](٢) إلّا الله تعالى. وقوله : «قالوا» هو جواب «إذا».
قوله : (يا حَسْرَتَنا) هذا مجاز ؛ لأن الحسرة لا يتأتى منها الإقبال ، وإنّما المعنى على المبالغة في شدّة التّحسّر ، وكأنهم نادوا التحسّر ، وقالوا : إن كان لك وقت ، فهذا أوان حضورك.
ومثله : (يا وَيْلَتى) والمقصود التنبيه على خطأ المنادي ، حيث ترك ما أحوجه تركه إلى نداء هذه الأشياء.
قال سيبويه (٣) ـ رحمهالله ـ : فيكون المنادى هو نفس الحسرة ، والمراد بالحسرة النّدامة.
قال الزّجّاج (٤) ـ رحمهالله تعالى ـ : هذا النّداء ينبّه الناس على ما سيحصل لهم من الحسرة ، والعرب تعبر عن تعظيم أمثال هذه الأمور باللّفظة كقوله تبارك وتعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) [يس : ٣٠] (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) [الزمر : ٥٦] (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ) [هود : ٧٢] و (يا أَسَفى) [يوسف : ٨٤] والمعنى : يا أيها النّاس تنبّهوا على ما وقع من الأسف ، فوقع النداء على غير المنادى في الحقيقة.
قوله : (عَلى ما فَرَّطْنا) متعلّق (٥) بالحسرة و «ما» مصدريّة ، أي : على تفريطنا ، والضمير في «فيها» يجوز أن يعود على السّاعة ، ولا بد من مضاف ، أي : في شأنها والإيمان بها ، وأن يعود على الصّفقة المتضمّنة في قوله : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ) ، قاله الحسن ، أو يعود على الحياة الدنيا ، وإن لم يجر لها ذكر لكونها معلومة ، قاله الزمخشري (٦) ـ رحمهالله تعالى ـ.
وقيل : يعود على منازلهم في الجنّة إذا رأوها ، وهو بعيد.
والتفريط : التقصير في الشيء مع القدرة على فعله.
وقال أبو عبيد (٧) هو التّضييع.
__________________
(١) ينظر : مفردات الراغب ص (٥٥) ، الدر المصون ٣ / ٤٣.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : الرازي ١٢ / ١٦٤.
(٤) ينظر : المرجع السابق.
(٥) في ب : يتعلق.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ١٧.
(٧) ينظر : مجاز القرآن ١ / ١٩٠.