٢١٤٥ ـ وأعددت للحرب أوزارها |
|
رماحا طوالا وخيلا ذكورا (١) |
وقيل : الأصل في ذلك الوزر بفتح الواو والزاي ، وهو الملجأ الذي يلتجأ إليه من الجبل ، قال تعالى : (كَلَّا لا وَزَرَ) [القيامة : ١١] ثمّ قيل للثقل : وزر تشبيها بالجبل ، ثم استعير الوزر إلى الذّنب تشبيها به في ملاقاة المشقّة ، والحاصل أنّ هذه المادة تدلّ على الرّزانة والعظمة.
قوله : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) «ساء» هنا تحتمل أوجها ثلاثة :
أحدها : أنها «ساء» المتصرّفة المتعدّية ، ووزنها حينئذ «فعل» بفتح العين ، ومفعولها حينئذ محذوف ، وفاعلها «ما».
و «ما» تحتمل ثلاثة أوجه :
أن تكون موصولة اسمية ، أو حرفية ، أو نكرة موصوفة ، وهو بعيد ، [وعلى جعلها اسمية أو نكرة موصوفة تقدّر](٢) لها عائدا ، والحرفية غير محتاجة إليه عند الجمهور.
والتقدير : ألا ساءهم الذي يزرونه ، أو شيء يزرونه ، أو وزرهم [وبدأ ابن عطية بهذا الوجه ؛ قال (٣) : كما تقول : ساءني هذا الأمر ، والكلام خبر مجرد كقوله : [البسيط]
٢١٤٦ ـ رضيت خطّة خسف غير طائلة |
|
فساء هذا رضى يا قيس عيلانا (٤) |
قال أبو حيان (٥) : ولا يتعين أن تكون «ما» في البيت خبرا مجردا ، بل تحتمل الأوجه الثلاثة](٦) وهو ظاهر.
الثاني : أن يكون للتعجّب ، فتنتقل (٧) من «فعل» بفتح العين [إلى](٨) «فعل» بضمها ، فتعطى حكم فعل التّعجّب من عدم التصرف ، والخروج من الخبر المحض إلى الإنشاء إن قلنا : إن التعجّب إنشاء ، وهو الصحيح ، والمعنى : ما أسوأ ، أي : أقبح الذي يزرونه ، أو شيئا يزرونه ، أو وزرهم.
الثالث : أنها بمعنى «بئس» فتكون للمبالغة في الذّمّ فتعطى أحكامها أيضا ، ويجري الخلاف في «ما» الواقعة بعدها حسبما ذكر في (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا) [البقرة : ٩٠] وقد ظهر الفرق بين هذه الأوجه الثلاثة ، فإنها في الأوّل متعدّية متصرّفة ، والكلام معها خبر محض ، وفي الأخيرين قاصرة جامدة إنشائية.
والفرق بين الوجهين الأخيرين أنّ التعجبيّة لا يشترط في فاعلها ما يشترط في فاعل «بئس».
__________________
(١) البيت للأعشى ، وهو في ديوانه ص (١٤٩) ، اللسان (وزر) التهذيب ١٣ (وزر) ، الدر المصون ٣ / ٤٤.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٨٤.
(٤) ينظر : البحر ٤ / ١١٢ ، الدر المصون ٣ / ٤٤ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٢٨٤.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١١٢.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : فتنقل.
(٨) سقط في أ.