وقوله : (فِي الْأَرْضِ) صفة ل «دابة» ، فيجوز لك أن تجعلها في محلّ جرّ باعتبار اللفظ ، وأن تجعلها في محل رفع باعتبار الموضع.
قوله : (وَلا طائِرٍ) الجمهور (١) على جرّه نسقا على لفظ «دابة».
وقرأ (٢) ابن أبي عبلة برفعها نسقا على موضعها.
وقرأ (٣) ابن عبّاس «ولا طير» من غير ألف ، وقد تقدّم الكلام فيه ، هل هو جمع أو اسم جمع؟
وقوله : «يطير» في قراءة الجمهور يحتمل أن يكون في محلّ جرّ باعتبار لفظه ، ويحتمل أن يكون في محلّ رفع باعتبار موضعه.
وأمّا على قراءة ابن أبي عبلة ، ففي محلّ رفع ليس إلّا.
وفي قوله : (وَلا طائِرٍ) ذكر خاصّ بعد عامّ ؛ لأن الدّابّة تشتمل على كلّ ما دبّ من طائر وغيره ، فهو كقوله : (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ) [البقرة : ٩٨] وفيه نظر ؛ إذ المقابلة هنا تنفي أن تكون الدّابة تشمل الطائر.
قوله : «بجناحيه» فيه قولان :
أحدهما : أن «الباء» متعلّقة ب «يطير» ، وتكون «الباء» للاستعانة.
والثاني : أن تتعلّق بمحذوف على أنها حال ، وهي حال مؤكّدة كما يقال : «نظرت عيني» ، وفيها رفع مجاز يتوهّم ؛ لأن الطّيران يستعار في السرعة قال : [البسيط]
٢١٥٦ ـ قوم إذا الشّرّ أبدى ناجذيه لهم |
|
طاروا إليه زرافات ووحدانا (٤) |
ويطلق الطّير على العمل ، قال تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) [الإسراء : ١٣].
وقوله : (إِلَّا أُمَمٌ) خبر المبتدأ ، وجمع وإن لم يتقدّمه إلّا شيئان ؛ لأن المراد بهما الجنس.
و «أمثالكم» صفة ل «أمم» ، يعني أمثالهم في الأرزاق والآجال ، والموت والحياة ، والحشر والنشر والاقتصاص لمظلومها من ظالمها.
وقيل : في معرفة الله وعبادته.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٥٢ ، البحر المحيط ٤ / ١٢٥.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٥٢ ، الكشاف ٢ / ٢١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٥٢.
(٤) البيت لقريط بن أنيف العنبري.
ينظر : الحماسة ص ١ / ٢٧ ، الخصائص ٢ / ٢٧٠ ، روح المعاني ٧ / ١٤٣ ، مجالس ثعلب ٢ / ٤٠٥ ، الدر المصون ٣ / ٥٢.