وقرأ عبد الله ، وأبيّ ، ويحيى (١) بن وثّاب ، والنخعي ، والأعمش ، وطلحة : «يقضي بالحقّ» من القضاء.
وقرأ سعيد بن جبير (٢) ، ومجاهد : «يقضي بالحقّ وهو خير القاضين». فأما قراءة «يقضي» فمن القضاء.
ويؤيده قوله : (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) فإن الفصل يناسب القضاء ، ولم يرسم إلّا بضاد ، كأن «الباء» حذفت خطّا كما حذفت لفظا لالتقاء الساكنين ، كما حذفت من نحو : (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) [القمر : ٣].
وكما حذفت «الواو» في (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) [العلق : ١٨] ، (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) [الشورى : ٢٤] كما تقدّم.
وأمّا قراءة نصب «الحقّ» بعده ، ففيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف ، أي : يقضي القضاء الحقّ.
والثاني : أنه ضمّن «يقضي» معنى «ينفذ» ، فلذلك عدّاه إلى المفعول به.
الثالث : أن «قضى» بمعنى «صنع» فيتعدّى بنفسه من غير تضمين ، ويدلّ على ذلك قول الهذليّ شعرا : [الكامل]
٢١٨٥ ـ وعليهما مسرودتان قضاهما |
|
داود أو صنع السّوابغ تبّع (٣) |
[أي : صنعهما](٤) داود.
الرابع : أنه على إسقاط حرف الجرّ ، أي : يقضي بالحق ، فلما حذف انتصب مجروره على حدّ قوله : [الوافر]
٢١٨٦ ـ تمرّون الدّيار ولم تعوجوا |
|
.......... (٥) |
ويؤيّد ذلك القراءة بهذا الأصل.
وأمّا قراءة «يقصّ» فمن «قصّ الحديث» ، أو من «قصّ الأثر» أي : تتّبعه.
قال تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف : ٣].
ورجّح أبو عمرو بن العلاء القراءة الأولى بقوله : «الفاصلين» وحكي عنه أنه قال : «أهو يقصّ الحقّ أو يقضي الحقّ» فقالوا : «يقصّ» فقال : لو كان «يقصّ» لقال : «وهو خير
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٧ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٦.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٧٧ ، البحر المحيط ٤ / ١٤٦ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٢٧٩ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٤) ، السبعة ص (٢٥٩) ، النشر ٢ / ٢٥٨ ، الفراء ١ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٤.
(٣) تقدم.
(٤) سقط في ب.
(٥) تقدم.