ويجوز أن تكون نكرة موصوفة بما بعدها ، والعائد على كلا التقديرين الآخرين محذوف ، وكذا عند الأخفش وابن السّراج (١) على القول الأول.
و «بالنّهار» كقوله : «باللّيل» ، والضمير في «فيه» عائد على «النهار» ، وهذا هو الظاهر.
قال أبو حيّان (٢) : «عاد عليه لفظا ، والمعنى : في يوم آخر ، كما تقول : عندي درهم ونصفه».
قال شهاب الدين (٣) : ولا حاجة في الظّاهر على عوده على نظير المذكور ، إذ عوده على المذكور لا محذور فيه.
وأمّا ما ذكره من نحو «درهم ونصفه» فلضرورة انتفاء العيّ من الكلام ، قالوا : لأنك إذا قلت : «عندي درهم» علم أنّ عندك نصفه ضرورة.
فقولك بعد ذلك : «ونصفه» تضطرّ إلى عوده إلى نظير ما عندك ، بخلاف ما نحن فيه.
وقيل : يعود على اللّيل.
وقيل : يعود على التّوفّي ، وهو النوم ، أي : يوقظكم في خلال النوم.
وقال الزمخشري (٤) : «ثم يبعثكم من القبور في شأن الذي قطعتم به أعماركم من النوم باللّيل ، وكسب الآثام بالنهار» انتهى. وهو حسن.
وخصّ اللّيل بالتّوفّي ، والنّهار بالكسب وإن كان قد ينام في هذا ويكسب في الآخر اعتبارا بالحال الأغلب.
وقدّم التّوفّي بالليل ؛ لأنه أبلغ في المنّة عليهم ، ولا سيّما عند من يخصّ الجرح بكسب الشّرّ دون الخير ، ومعنى «جرحتم» أي : كسبتم من العمل بالنهار.
قال تعالى : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) [المائدة : ٤] أي : الكواسب من الطير والسّباع ، واحدتها «جارحة».
قال تعالى : (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) [الجاثية : ٢١] أي : اكتسبوا.
وبالجملة فالمراد منه أعمال الجوارح.
قوله : «ليقضى أجل». الجمهور على «ليقضى» (٥) مبنيّا للمفعول ، و «أجل» رفع به ، وفي الفاعل المحذوف احتمالان :
أحدهما : أنه ضمير البارىء تعالى.
__________________
(١) ينظر : الأصول ١ / ١٦١.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٥١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨٠.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٢.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨١ ، البحر المحيط ٤ / ١٥١.