وقرأ السبعة هذه (١) مشدّدة : (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ) [الأنعام : ٦٤] قرأها الكوفيون وهشام بن عامر عن ابن عامر مشددة كالأولى. وقرأ الثّنتين (٢) بالتخفيف من «أنجى» حميد بن قيس ، ويعقوب ، وعلي بن نصر عن أبي عمرو ، وتحصّل من ذلك أن الكوفيين وهشاما يثقلون في الموضعين ، وأن حميدا ومن معه يخفّفون فيهما ، وأن نافعا ، وابن كثير ، وأبا عمرو ، وابن ذكوان عن ابن عامر يثقّلون الأولى ، ويخفّفون الثانية ، والقراءات واضحة ، فإنها من : نجّى وأنجى ، فالتضعيف والهمزة كلاهما للتّعدية.
فالكوفيون وهشام التزموا التّعدية بالتضعيف ، وحميد وجماعته التزموها بالهمزة.
والباقون جمعوا بين التّعديتين جمعا بين اللّغتين كقوله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطارق : ١٧].
والاستفهام للتقرير والتّوبيخ ، وفي الكلام حذف مضاف ، أي : من مهالك ظلمات ، أو من مخاوفها ، والظلمات كناية عن الشدائد والأهوال إذا سافروا في البرّ والبحر.
قوله : «تدعونه» في محلّ نصب على الحال ، إما من مفعول «ينجيكم» ، وهو الظاهر ، أي : ينجيكم داعين إيّاه ، وإما من فاعله ، أي : مدعوّا من جهتكم.
قوله : (تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أنهما مصدران في موضع الحال ، أي : تدعونه متضرّعين ومخفين.
والثاني : أنها مصدران من معنى العامل لا من لفظه كقولك : قعدت جلوسا.
وقرأ الجمهور (٣) : «خفية» بضم الخاء ، وقرأ (٤) أبو بكر بكسرها ، وهما لغتان ، كالعدوة والعدوة ، والأسوة والإسوة.
وقرأ الأعمش (٥) : «وخيفة» كالتي في «الأعراف» وهي من الخوف ، قلبت «الواو»
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨٤ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٢٨٢ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٥) ، السبعة ص (٢٥٩) ، النشر ٢ / ٢٥٩ ، التبيان ١ / ٥٠٤ ، الزجاج ٢ / ٢٨٣ ، الحجة لابن خالويه (١٤١) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٥.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨٤ ، الوسيط ٢ / ١٨٢ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٥) ، السبعة ص (٢٥٩) ، النشر ٢ / ٢٥٩ ، التبيان ١ / ٥٠٤ ، الزجاج ٢ / ٢٨٣ ، الحجة لابن خالويه ص (١٤١) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٥.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٥٤ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٥).
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٥٤ ، الوسيط ٢ / ٢٨٢ ، الفراء ١ / ٣٣٨ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٥) ، السبعة ص (٢٥٩) ، النشر ٢ / ٢٥٩ ، التبيان ١ / ٥٠٤ ، الزجاج ٢ / ٢٨٤ ، الحجة لابن خالويه ص (١٤١) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٦.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٥٤ ، الدر المصون ٣ / ٨٤ ، الوسيط ٢ / ٢٨٢ ، الفراء ١ / ٣٣٨ ، الحجة لأبي زرعة ص (٢٥٥) ، السبعة ص (٢٥٩) ، النشر ٢ / ٢٥٩ ، التبيان ١ / ٥٠٤ ، الزجاج ٢ / ٢٨٤ ، الحجة لابن خالويه ص (١٤١) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٦.