وإنما هو اسم جنس ، إذ يفرق بينه وبين واحده بتاء التأنيث ، وأيّدوا هذا القول بقراءة الحسن المتقدمة.
وقال جماعة : الصّور هو القرن.
قال مجاهد كهيئة البوق ، وقيل : هو بلغة أهل اليمن ، وأنشدوا : [السريع أو الرجز]
٢٢٠٥ ـ نحن نطحناهم غداة الجمعين |
|
بالشّامخات في غبار النّقعين |
نطحا شديدا لا كنطح الصّورين (١) |
وأيّدوا ذلك بما ورد في الأحاديث الصحيحة ، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : جاء أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم قال : ما الصّور؟ قال : «قرن ينفخ فيه» وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كيف أنعم وصاحب الصّور قد التقمه وأصغى سمعه وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر». فقالوا : يا رسول الله وما تأمرنا؟ فقال : «قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل».
وقيل في صفته : إنه قرن مستطبل فيه أبخاش ، وأن أرواح الناس كلهم فيه ، فإذا نفخ فيه إسرافيل خرجت روح كلّ جسد من بخش من تلك الأبخاش.
وأنحى أبو الهيثم على من ادّعى أن الصور جمع «صورة» ، فقال : «وقد اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصور قرنا كما أنكروا العرش والميزان والصراط ، وادّعوا أن الصور جمع «صورة» ، كالصوف جمع الصوفة ، ورووا ذلك عن أبي عبيدة ، وهذا خطأ فاحش ، وتحريف لكلام الله ـ عزوجل ـ عن مواضعه ؛ لأن الله تعالى قال : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) [غافر : ٦٤] و «نفخ (فِي الصُّورِ) فمن قرأها : و «نفخ في الصور» أي بالفتح ، وقرأ «فأحسن صوركم» أي بالسكون فقد افترى الكذب على الله ـ عزوجل ـ وكان أبو عبيدة صاحب أخبار غريبة ولم يكن له معرفة بالنحو».
قال الأزهري (٢) : قد احتج أبو الهيثم فأحسن الاحتجاج ، ولا يجوز عندي غير ما ذهب إليه ، وهو قول أهل السنّة والجماعة انتهى.
[قال السمين : ولا ينبغي أن ينسب ذلك إلى هذه الغاية التي ذكرها أبو الهيثم](٣).
قال ابن الخطيب (٤) ومما يقوّي هذا الوجه أنه لو كان المراد نفخ الروح في تلك الصورة لأضاف ذلك إلى نفسه ؛ لأن نفخ الأرواح في الصور يضيفه الله إلى نفسه ؛ كقوله : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) [الحجر : ٢٩] وقال : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا)
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٧ / ١٥ ، البحر ٤ / ١٤٤ ، غريب القرآن ٢٦ ، الدر المصون ٣ / ٩٩.
(٢) ينظر : تهذيب اللغة ١٢ / ٢٢٩.
(٣) سقط في أ.
(٤) ينظر : الرازي ١٣ / ٢٨.