وعلى هذا فيحتمل «آزرا» أن ينتصب من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مفعول من أجله و (أَصْناماً آلِهَةً) منصوب ب «تتخذ» على ما سيأتي بيانه ، والمعنى : أتتخذ أصناما آلهة لأجل القوة والمظاهرة.
والثاني : أنه ينتصب على الحال ؛ لأنها في الأصل صفة ل «أصناما» فلما قدّمت عليها ، وعلى عاملها انتصبت على الحال.
والثالث : أن ينتصب على أنه مفعول ثان قدّم على عامله ، والأصل : أتتخذ أصناما آلهة آزرا ، أي قوة ومظاهرة.
وأما القراءة الثّانية فقال الزمخشري (١) : هو اسم صنم ، ومعناه أتعبد آزرا على الإنكار ، ثم قال : تتخذ أصناما آلهة تثبيتا لذلك وتقريرا ، وهو داخل في حكم الإنكار ؛ لأنه كالبيان له ، فعلى هذا «آزرا» منصوب بفعل محذوف يدلّ عليه المعنى ، ولكن قوله : «وهو داخل في حكم الإنكار» يقوي أنه لم يقرأ «أتتخذ» بهمزة الاستفهام ؛ لأنه لو كان معه همزة استفهام لكان مستقلّا بالإنكار ، ولم يحتج أن يقول : هو داخل في حكم الإنكار ، لأنه كالبيان له.
وقرأ ابن عبّاس أيضا (٢) وأبو إسماعيل «أإزرا» بهمزة استفهام بعدها همزة مكسورة ، ونصب الراء منونة ، فجعلها ابن عطيّة بدلا من واو اشتقاقا من الوزر ك «إسادة» و «إشاح» في : «وسادة» و «وشاح».
وقال أبو البقاء (٣) : وفيه وجهان :
أحدهما : أنّ الهمزة الثانية فاء الكلمة ، وليست بدلا من شيء ، ومعناها الثقل وجعله الزمخشري اسم صنم ، والكلام فيه كالكلام في «أزرا» المفتوح الهمزة وقد تقدم.
وقرأ الأعمش (٤) : «إزرا تتّخذ» بدون همزة استفهام ، ولكن بكسر الهمزة وسكون الزاي ونصب الراء منونة ، ونصبه واضح مما تقدّم ، و «تتّخذ» يحتمل أن تكون المتعدية لاثنين بمعنى التّصييريّة ، وأن تكون المتعدية لواحد ؛ لأنها بمعنى «عمل» ، ويحكى في التفسير أنّ أباه كان ينحتها ويصنعها ، والجملة الاستفهامية في محلّ نصب بالقول ، وكذلك قوله : (إِنِّي أَراكَ) و «أراك» يحتمل أن تكون العلمية ، وهو الظّاهر فتتعدى لاثنين ، وأن تكون بصريّة ، وليس بذاك ف (فِي ضَلالٍ) حال ، وعلى كلا التقديرين يتعلق
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٣٩.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٠١ ، البحر المحيط ٤ / ١٦٩ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٧.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٤٨.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٠١ ، البحر المحيط ٤ / ١٦٩ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٧.