وقوله : (فِي اللهِ) أي : في شأنه ، ووحدانيته.
قول ه «وقد هداني» أي : للتوحيد والحق ، وهذه الجملة في محلّ نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان :
أظهرهما : أنّه الياء ف ي «أتحاجونني» ، أي : أتجادلونني فيه حال كوني مهديّا من عنده.
والثاني : أنّه حال من «الله» أي : أتخاصمون فيه حال كونه هاديا لي ، فحجتكم لا تجدي شيئا ؛ لأنها داحضة.
قوله : (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) هذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفة ، أخبر عليه الصلاة والسلام بأنه لا يخاف ما يشركون به ، وإنما ثقته بربّه ، وكانوا قد خوّفوه من ضرر يحصل له بسبب سبّ آلهتهم.
ويحتمل أن تكون في محلّ نصب على الحال باعتبارين :
أحدهما : أن تكون ثانية عطفا على الأولى ، فتكون الحالان من الياء في «أتحاجّونّي».
والثاني : أنها حال من «الياء» في «هداني» ، فتكون جملة حالية من بعض جملة حالية ، فهي قريبة من الحال المتداخلة ، إلّا أنه لا بدّ من إضمار مبتدأ على هذا الوجه قبل الفعل المضارع ، لما تقدّم من أنّ الفعل المضارع المنفي ب «لا» حكمه حكم المثبت من حيث إنه لا تباشره الواو.
و «ما» يجوز فيها الأوجه الثلاثة : أن تكون مصدريّة ، وعلى هذا فالهاء في «به» لا تعود على «ما» عند الجمهور ، بل تعود على الله تعالى ، والتقدير : ولا أخاف إشراككم بالله ، والمفعول محذوف ؛ أي : ما تشركون غير الله به ، وأن تكون بمعنى «الذي» ، وأن تكو نكرة موصوفة ، والهاء في «به» على هذين الوجهين تعود على «ما» ، والمعنى : ولا أخاف الذين تشركون الله به ، فحذف المفعول أيضا ، كما حذفه في الوجه الأوّل.
وقدّر أبو البقاء (١) قبل الضمير مضافا ، فقال : ويجوز أن تكون الهاء عائدة على «ما» ؛ أي : ولا أخاف الذي تشركون به ، ولا حاجة إلى ذلك.
قوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) في هذا الاستثناء قولان :
أظهرهما : أنه متّصل.
والثاني : أنه منقطع ، والقائلون بالاتّصال اختلفوا في المستثنى منه ، فجعله الزمخشري (٢) زمانا ، فقال : «إلّا وقت مشيئة ربّي شيئا يخاف ، فحذف الوقت ، يعني : لا
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٠.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٢.