آخر ، وهو أن يكون حالا ، من «سلطانا» ؛ لأنّه لو تأخّر عنه لجاز أن يكون صفة.
وقرأ الجمهور (١) : «سلطانا» ساكن اللام حيث وقع ، وقرىء (٢) بضمّها ، وهل هي لغة مستقلّة ، فيثبت فيها بناء فعل بضم الفاء والعين ، أو هي إتباع حركة لأخرى.
ومعنى الآية : وكيف أخاف الأصنام التي لا قدرة لها على النّفع والضّرّ ولا تبصر ولا تسمع ، وأنتم لا تخافون من الشّرك الذي هو أعظم الذنوب ، وليس لكم حجّة على ذلك.
وقوله : (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ).
أي : ما لكم تنكرون عليّ الأمن في موضع الأمن ، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف فقال : (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ) ولم يقل : «فأيّنا أحقّ نحن أم أنتم» إلزاما لخصمه بما يدّعيه عليه ، واحترازا من تزكية نفسه ، فعدل عنه إلى قوله : (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) ، يعني: فريق المشركين أم الموحدين؟ وهذا بخلاف قول الآخر : [الكامل]
٢٢٢٧ ـ فلئن لقيتك خاليين لتعلمن |
|
أيّي وأيّك فارس الأحزاب (٣) |
فلله فصاحة القرآن وآدابه.
وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ) جوابه محذوف ، أي : فأخبروني ، ومتعلّق العلم محذوف ، ويجوز ألّا يراد له مفعول ؛ أي : إن كنتم من ذوي العلم.
قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) هل هو من كلام إبراهيم ، أو من كلام قومه ، أو من كلام الله تعالى؟ ثلاثة أقوال ، وعليها يترتّب الإعراب.
فإن قلنا : إنها من كلام إبراهيم كانت جوابا عن السؤال في قوله (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ).
وكذا إن قلنا : إنها من كلام قومه ، وأنهم أجابوا بما هو حجّة عليهم كأن الموصول خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هم الذين آمنوا ، وإن جعلناه من كلام الله تعالى ، وأنّه أمر نبيّه بأن يجيب به السّؤال المتقدم ، فكذلك أيضا.
وإن جعلناه لمجرّد الإخبار من الباري ـ تعالى ـ كان الموصول مبتدأ ، وفي خبره أوجه :
أحدها : أنه الجملة بعده ، فإن «أولئك» مبتدأ ثان ، و «الأمن» مبتدأ ثالث ، و «لهم» خبره ، والجملة خبر «أولئك» ، و «أولئك» وخبره خبر الأوّل.
الثاني : أن يكون «أولئك» بدلا أو عطف بيان ، و «لهم» خبر الموصول ، و «الأمن» فاعل به لاعتماده.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ١١٢ ، البحر المحيط ٤ / ١٧٥.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١١٢ ، البحر المحيط ٤ / ١٧٥.
(٣) تقدم.