قوله : (عَلى قَوْمِهِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق ب «آياتنا» قاله ابن عطيّة (١) والحوفي ، أي : أظهرناها لإبراهيم على قومه.
والثاني : أنها متعلّقة بمحذوف ؛ على أنها حال ، أي : آتيناها إبراهيم حجّة على قومه ، أو دليلا على قومه ، كذا قدّره أبو البقاء (٢) ، ويلزم من هذا التّقدير أن تكون حالا مؤكّدة ؛ إذ التّقدير : وتلك حجّتنا آتيناها له حجّة.
وقدّره أبو حيّان (٣) على حذف مضاف ، فقال : أي : آتيناها إبراهيم مستعلية على حجج قومه قاهرة لها وهذا أحسن.
ومنع أبو البقاء (٤) أن تكون متعلّقة ب «حجتنا» قال : لأنها مصدر و «آتيناها» خبر أو حال ، وكلاهما لا يفصل به بين الموصول وصلته.
ومنع أبو حيّان (٥) ذلك أيضا ، ولكن لكون الحجّة ليست مصدرا.
قال : إنما هو الكلام المؤلّف للاستدلال على الشيء ، ثم قال : ولو جعلناها مصدرا لم يجز ذلك أيضا ؛ لأنه لا يفصل بالخبر ، ولا بمثل هذه الحال بين المصدر ومطلوبه.
وفي منعه ومنع أبي البقاء ذلك نظر ؛ لأنّ الحال وإن كانت جملة ليست أجنبيّة حتّى يمنع الفصل بها ؛ لأنها من جملة مطلوبات المصدر ، وقد تقدّم نظير ذلك بأشبع من هذا.
قوله : «نرفع» فيه وجهان :
الظاهر منهما : أنها مستأنفة لا محلّ لها من الإعراب.
الثاني : ـ جوّزه أبو البقاء (٦) ، وبدأ به ـ أنها في موضع الحال من «آتيناها» يعني من فاعل«آتيناها» ، أي : في حال كوننا رافعين ، ولا تكون حالا من المفعول ؛ إذ لا ضمير فيها يعود إليه.
ويقرأ «نرفع» (٧) بنون العظمة ، وبياء الغيبة (٨) ، وكذلك «نشاء» وقرأ أهل الكوفة (٩) : «درجات» بالتّنوين ، وكذلك التي في يوسف [آية ٧٦] والباقون (١٠) بالإضافة فيهما ، فقراءة الكوفيين يحتمل نصب «درجات» فيها من خمسة أوجه :
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣١٦.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٠.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٧٦.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٠.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٧٦.
(٦) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٠.
(٧) ينظر : الدر المصون ٣ / ١١٤.
(٨) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٠ ، حجة أبي زرعة ص (٢٥٨) ، الدر المصون ٣ / ١١٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٧٦.
(٩) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٠ ، النشر ٢ / ٢٦٠ ، الدر المصون ٣ / ١١٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٧٦.
(١٠) ينظر : الدر المصون ٣ / ١١٤ ، البحر المحيط ٤ / ١٧٦ ، حجة أبي زرعة ص (٢٥٨) ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٠ ، النشر ٢ / ٢٦٠.