وإن قلنا : إنه خبر ثان ل «إنّ» ، وهو بتأويل اسم](١) واقع موقع خبر ثان ؛ فلذلك عطف عليه اسم صريح ، ومن عطف الاسم على الفعل لكون الفعل بتأويل اسم قول الشّاعر في ذلك : [الطويل]
٢٢٥٥ ـ فألفيته يوما يبير عدوّه |
|
ومجر عطاء يستخفّ المعابرا (٢) |
وقول القائل في ذلك : [الرجز]
٢٢٥٦ ـ يا ربّ بيضاء من العواهج |
|
أمّ صبيّ قد حبا أو دارج (٣) |
وقول القائل في ذلك : [الرجز]
٢٢٥٧ ـ بات يغشّيها بعضب باتر |
|
يقصد في أسوقها وجائر (٤) |
أي : مبيرا ، أمّ صبيّ حاب ، قاصد.
قوله : «الحيّ» اسم لما يكون موصوفا بالحياة ، و «الميّت» اسم للخالي عن صفة الحياة ، وعلى هذا فالنّبات لا يكون حيا ، وفي تفسير هذا الحيّ والميت قولان :
الأول : حمل هذا اللّفظ على الحقيقة.
قال ابن عبّاس : أخرج من النّطفة بشرا أحياء ، ثم يخرج من البشر الحيّ نطفة ميّتة ، ويخرج من البيضة فرّوجة حيّة ، ثم يخرج من الدّجاجة بيضة ميّتة (٥).
القول الثاني : يحمل على المجاز «يخرج» النّبات الخفيّ من الحبّ اليابس ، ويخرج الحبّ اليابس من النّبات الحي النّامي.
وقال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : يخرج المؤمن من الكافر ، كما في حقّ إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ والكافر من المؤمن ، كما في حقّ ولد نوح ـ عليه الصلاة والسلام ـ والعاصي من المطيع وبالعكس.
وقرأ نافع (٦) ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : «الميّت» مشدّدة الياء في الكلمتين ، والباقون بالتخفيف (٧) فيهما.
قوله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) قيل : معناه : ذلكم الله ، المبدىء ، الخالق ، النّافع ، الضّار ، المحيي ، المميت ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) : تصرفون عن الحقّ في إثبات القول بعبادة الأصنام.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : ابن الشجري ٢ / ١٦٧ ، لسان العرب درج ، التصريح ١ / ١٤٢ ، التهذيب ١٠ / ٦٤٣ ، الأشموني ٣ / ١٢٠ ، الدر المصون ٣ / ١٣٢.
(٤) ينظر : معاني الفراء ١ / ٢١٣ ، ومعاني الزجاج ١ / ٤١٢ ، ابن الشجري ٢ / ١٦٧ ، الأشموني ٣ / ١٢٠ ، الخزانة ٥ / ١٤٠ ، الدر المصون ٣ / ١٣٢.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٧ / ٣٠) عن ابن عباس.
(٦) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٣.
(٧) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٣.