غريب ، واختلف في مدلول «القنو» ؛ فقيل : هو الجمّار ، وهذا يكاد يكون غلطا ، وكيف يوصف بكونه دانيا ؛ أي : قريب الجنى ، والجمّار إنما هو في قلب النخلة؟ والمشهور أنه العذق كما تقدم ذلك.
وقال ابن عباس : يريد العراجين الّتي قد تدلّت من الطلع دانية ممن يجتنيها (١).
وروي عنه أنه قال قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض (٢).
قال الزجاج (٣) ولم يقل : ومنها قنوان بعيدة ؛ لأن ذكر أحد القسمين يدلّ على الثاني ، لقوله: (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] ، ولم يقل : سرابيل تقيكم البرد.
وقيل أيضا : ذكر الدانية القريبة ، وترك البعيدة ؛ لأن النعمة (٤) في القريبة أكثر.
قال أبو عبيد : «وإذا ثنّيت «قنوا» قلت : قنوان بكسر النون ثم جاء جمعه على لفظ الاثنين مثل : صنو وصنوان ، والإعراب على النون في الجمع [وليس لهما في كلام العرب نظير ؛ قال الشاعر : [الطويل]
٢٢٧٠ ـ .......... |
|
ومال بقنوان البسر أحمرا (٥) |
قال شهاب الدين (٦) : إذا وقف على «قنوان» المثنّى رفعا ، وعلى «قنوان» جمعا وقع الاشتراك اللفظي ، ألا ترى أنك إذا قلت «عندي قنوان» وقفا احتمل ما ذكرته في التثنية والجمع ، وإذا وصلت وقع الفرق ، فإنك تجعل الإعراب على النون حال جمعه كغربان وصردان ، وتكسر النون في التثنية ، ويقع الفرق أيضا بوجوه أخر :
منها انقلاب الألف ياء نصبا وجرا في التثنية نحو رأيت قنويك وصنويك ، ومررت بقنويك وصنويك.
ومنها : حذف نون التثنية إضافة وثبوت النون في الجمع](٧).
نحو : جاء قنواك وصنواك [وقنوانك وصنوانك](٨) ومنها في النسب فإنك تحذف علامتي التثنية ، فتقول : قنوي وصنوي ، ولا تحذف الألف والنون إذا أردت الجمع بل تقول : قنواني وصنواني ، وهذان اللفظان في الجمع تكسيرا يشبهان الجمع تصحيحا ، وذلك أن كلّا منهما لحق آخره علامتان في حال الجمع مزيدتان ، ولم يتغير معهما بناء الواحد ، والفرق ما تقدم.
وأيضا فإن الجمع من قنوان وصنوان إنما فهمناه من صيغة فعلان ، لا من الزيادتين ، بخلاف «الزيدين» فإن الجمع فهمناه منهما ، وهذا الفصل الذي ذكرته من محاسن علم الإعراب والتصريف واللغة.
__________________
(١) انظر تفسير الرازي (١٣ / ٨٨).
(٢) انظر المصدر السابق.
(٣) ينظر : معاني القرآن ١٣ / ٨٩.
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) تقدم.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٠.
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في أ.