ويجوز أن ينتصب «جنات» نسقا على «خضرا» ، وجوز الزمخشري (١) ـ وجعله الأحسن ـ أن ينتصب على الاختصاص ، كقوله : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) [الحج : ٣٥].
قال : «لفضل هذين الصّنفين» وكلامه يفهم أن القراءة الشهيرة عنده رفع «جنّات» والقراءة بنصبهما شاذّة ، فإنه أوّل ما ذكر توجيه الرّفع كما سيأتي ، ثم قال : وقرىء (٢) «وجنات» بالنصب ، فذكر الوجهين المتقدمين.
وقرأ الأعمش ، ومحمد (٣) بن أبي ليلى ، وأبو بكر في رواية عنه عن عاصم «وجنات» بالرفع وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها مرفوعة بالابتداء ، والخبر محذوف ، واختلفت عبارة المعربين في تقديره فمنهم من قدّره متأخرا ومنهم من قدّره متقدّما ؛ فقدّره الزمخشري (٤) متقدما أي : وثمّ جنات ، وقدره أبو البقاء : ومن الكرم جنّات ، وهذا تقدير حسن لمقابلة قوله : (وَمِنَ النَّخْلِ) أي : من النخل كذا ، ومن الكرم كذا ، وقدّره (٥) النّحّا س «ولهم جنّات» ، وقدره ابن عطية (٦) : «ولكم جنّات».
ونظيره قوله في قراءته (وَحُورٌ عِينٌ) [الواقعة : ٢٢] بعد قوله : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ) [الواقعة : ١٧ ، ١٨] أي : ولهم حور عين ، ومثل هذا اتّفق على جوازه سيبويه ، والكسائي ، والفراء.
وقدره الزمخشري (٧) ، وأبو حيان متأخرا ؛ فقال : أي : وجنات من أعناب أخرجناها قال الشيخ : ودلّ على تقديره قوله قبل : «فأخرجنا» كما تقول : أكرمت عبد الله وأخوه ، أي : وأخوه أكرمته.
قال شهاب الدين (٨) : وهذا التّقدير سبقه إليه ابن الأنباريّ ، فإنه قال : «الجنّات» رفعت بمضمر بعدها تأويلها : وجنات من أعناب أخرجناها ، فجرى مجرى قول العرب «أكرمت عبد الله وأخوه» تريد وأخوه أكرمته.
قال الفرزدق : [الطويل]
٢٢٧٣ ـ غداة أحلّت لابن أصرم طعنة |
|
حصين عبيطات السّدائف والخمر (٩) |
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٠ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٣ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٤ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٢ / ٣٠٥ ، الحجة لأبي زرعة ٢٦٤ ، التبيان ١ / ٥٢٥ ، الحجة لابن خالويه ١٤٦.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٣ ، الدر المصون ٣ / ١٤٠ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٣٢٨.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢.
(٥) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٥٦٩.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٢٨.
(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٢.
(٨) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤١.
(٩) ينظر : ديوانه ١ / ٢٥٤ ، سمط اللآلي ص (٣٦٧) ، شرح التصريح ١ / ٢٧٤ ، المقاصد النحوية ٢ / ـ