ويجوز أن تكون منصوبة على التشبيه بالحال أو الظرف ، كقوله : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) [البقرة : ٢٨]. والعامل فيها قال أبو البقاء (١) : [«يكون»](٢) وهذا على رأي من يجيز في «كان» أن تعمل في الأحوال والظروف وشبههما ، و «له» خبر يكون ، و «ولد» اسمها.
ويجوز في «يكون» أن تكون تامّة ، وهذا أحسن أي : كيف يوجد له ولد ، وأسباب الولدية منتفية؟
قوله : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) هذه «الواو» للحال ، والجملة بعدها في محل نصب على الحال من مضمون الجملة المتقدمة ، أي : كيف يوجد له ولد ، والحال أنه لم يكن له زوج ، وقد علم أن الولد إنما يكون من بين ذكر وأنثى ، وهو منزّه عن ذلك.
والجمهور (٣) على «تكن» بالتاء من فوق.
وقرأ النخعي (٤) بالياء من تحت وفيه أربعة أوجه :
أحدها : أن الفعل مسند إلى «صاحبة» أيضا كالقراءة المشهورة ، وإنما جاز التذكير للفصل كقوله : [الوافر]
٢٢٧٧ ـ لقد ولد الأخيطل أمّ سوء |
|
.......... (٥) |
وقول القائل : [البسيط]
٢٢٧٨ ـ إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة |
|
بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور (٦) |
وقال ابن عطيّة (٧) : «وتذكير «كان» وأخواتها مع تأنيث اسمها أسهل من ذلك في سائر الأفعال».
قال أبو حيّان (٨) ـ رحمهالله ـ : «ولا أعرف هذا عن النحويين ، ولم يفرّقوا بين «كان» وغيرها».
قال شهاب (٩) الدين : هذا كلام صحيح ، ويؤيده أن الفارسيّ وإن كان يقول بحرفيّة
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٦.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٧.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٧ المحتسب ١ / ٢٢٤.
(٥) صدر بيت لجرير وعجزه :
على باب استها صلب وشام
ينظر : ديوانه ٢ / ٢٨٣ ، المقتضب ٢ / ١٤٥ ، الإنصاف ١ / ١٧٥ ، الأمالي لابن الشجري ٣ / ١٥٣ ، الدر المصون ٣ / ١٤٧.
(٦) ينظر : الإنصاف ١ / ١٧٤ ، تخليص الشواهد ص (٤٨١) ، الخصائص ٢ / ٤١٤ ، الدرر ٦ / ٢٧١ ، شرح الأشموني ١ / ١٧٣ ، شرح شذور الذهب ص (٢٢٤) ، شرح المفصل ٥ / ٩٣ ، اللسان (غرر) ، اللمع ص (١١٦) ، المقاصد النحوية ٢ / ٤٧٦ ، همع الهوامع ٢ / ١٧١ ، البحر ٢ / ٣٩٣.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٢٩.
(٨) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٧.
(٩) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٨.