والإبداع : عبارة عن تكوين الشيء من غير سبق مثال ، وتقدّم الكلام عليه في «البقرة».
وقرأ الجمهور (١) برفع العين ، وفيها ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو بديع ، فيكون الوقف على قوله : «والأرض» فهي جملة مستقلة بنفسها.
الثاني : أنه فاعل بقوله : «تعالى» ، أي : تعالى بديع السماوات ، وتكون هذه الجملة الفعلية معطوفة على الفعل المقدر قبلها ، وهو النّاصب ل «سبحان» فإن «سبحان» كما تقدّم من المصادر اللازم إضمار ناصبها.
الثالث : أنه مبتدأ وخبره ما بعده من قوله : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ).
وقرأ المنصور (٢) «بديع» بالجر قال الزمخشري (٣) : ردّا على قوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ) ، أو على «سبحانه» كذا قاله ، ولم يبيّن على أي وجه من وجوه الإعراب هو وكذا أبو حيّان ـ رحمهالله ـ حكاه عنه ومرّ عليه ، ويريد بالرد كونه تابعا ، إما : لله ، أو للضمير المجرور في «سبحانه» ، وتبعيته له على كونه بدلا من «لله» تعالى أو من الهاء في «سبحانه» ، ويجوز أن يكون نعتا [لله على أن تكون إضافة «بديع» محضة كما ستعرفه.
وأما تبعيّته للهاء فيتعين أن يكون بدلا ، ويمتنع أن يكون نعتا] ، وإن اعتقدنا تعريفه بالإضافة لمعارض آخر ، وهو أن الضمير لا ينعت إلا ضمير الغائب على رأي الكسائي ، فعلى رأيه قد يجوز ذلك.
وقرأ أبو صالح الشّامي (٤) : «بديع» نصبا ، ونصبه على المدح ، وهي تؤيد قراءة الجر ، وقراءة الرفع المتقدمة يحتمل أن تكون أصليّة الإتباع بالجر على البدل ثم قطع التابع رفعا.
و «بديع» يجوز أن يكون بمعنى «مبدع» وقد سبق معناه ، أو تكون صفة مشبهة أضيفت لمرفوعها ، كقولك : فلان بديع الشعر ، أي : بديع شعره ، وعلى هذين القولين ، فإضافته لفظيّة ؛ لأنه في الأوّل من باب إضافة اسم الفاعل إلى منصوبه ، وفي الثّاني من باب إضافة الصفة المشبهة إلى مرفوعها ، ويجوز أن تكون بمعنى عديم النظير والمثل فيهما ، كأنه قيل : البديع في السماوات والأرض ، فالإضافة على هذا إضافة محضة.
قوله : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) «أنّى» بمعنى «كيف» [أو «من أين»](٥) وفيها وجهان:
أحدهما : أنها خبر كان الناقصة ، و «له» في محل نصب على الحال ، و «ولد» اسمها ،
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٦.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٦.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٣.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٢٥ ، البحر المحيط ٤ / ١٨٥ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٢.
(٥) سقط في ب.